فسخط على ابن معمر وسبّ أصحابه وضربهم وهدم دورهم وحلقهم وهدم دار مالك بن مسمع واستباحها. وعزل ابن معمر عن فارس وولّى المهلّب وخرج إلى الكوفة فلم يزل بها حتى سار للقاء عبد الملك وكان معه الأحنف فتوفي بالكوفة ولما بعث عن المهلب ليسير معه أهل البصرة إلا أن يكون المهلّب على قتال الخوارج ردّه وقال له المهلّب إنّ أهل العراق قد كاتبوا عبد الملك وكاتبهم فلا يتعدّى ثم بعث مصعب عن إبراهيم بن الأشتر وكان على الموصل والجزيرة فجعله في مقدمته وسار حتى عسكر في معسكره، وسار عبد الملك وعلى مقدمته أخوه محمد ابن مروان، وخالد بن عبيد الله بن خالد بن أسيد، فنزلوا قريبا من قرقيسيا. وحضر زفر ابن الحرث الكلابي، ثم صالحه وبعث زفر معه الهذيل ابنه في عسكر وسار معه فنزل بمسكن قريبا من مسكن مصعب وفرّ الهذيل بن زفر فلحق بمصعب. وكتب عبد الملك إلى أهل العراق وكتبوا إليه وكلهم بشرط أصفهان وأتى ابن الأشتر بكتاب مختوما [١] إلى مصعب فقرأه، فإذا هو يدعوه إلى نفسه ويجعل له ولاية العراق فأخبره مصعب بما فيه وقال مثل هذا الا يرغب عنه فقال إبراهيم ما كنت لأتقلد الغدر والخيانة ولقد كتب عبد الملك لأصحابك كلهم مثل هذا فأطعن واقتلهم أو احبسهم في أضيق محبس، فأبى عليه مصعب وأضمر أهل العراق الغدر بمصعب. وعذلهم قيس بن الهيثم منهم في طاعة أهل الشام فأعرضوا عنه. ولما تدانى العسكران بعث عبد الملك إلى مصعب بقول، فقال: نجعل الأمر شورى فقال مصعب: ليس بيننا إلّا السيف فقدّم عبد الملك أخاه محمدا وقدّم مصعب إبراهيم بن الأشتر وأمدّه بالجيش، فأزال محمدا عن موقفه، وأمدّه عبد الملك بعبيد الله بن يزيد فاشتدّ القتال وقتل من أصحاب مصعب بن عمر الباهليّ والد قتيبة، وأمدّ مصعب إبراهيم بعتّاب بن ورقاء فساء ذلك إبراهيم ونكره. وقال أوصيته لا يمدّني بعتاب وأمثاله وكان قد بايع لعبد الملك فجر الهزيمة على إبراهيم وقتله وحمل رأسه إلى عبد الملك.
وتقدّم أهل الشام فقاتل مصعب ودعا رءوس العراق إلى القتال فاعتذروا وتثاقلوا فدنا محمد بن مروان من مصعب وناداه بالأمان وأشعره بأهل العراق فأعرض عنه، فنادى ابنه عيسى بن مصعب فأذن له أبوه في لقائه فجاءه وبذل له الأمان وأخبر أباه فقال: أتظنهم يعرفون لك ذلك؟ فإن أحببت فافعل قال: لا يتحدّث نساء قريش