فامتنعوا عليه وحاصرهم وكان بينه وبين البلد دجلة فعبرها وبين دجلة والبلد فسيح من الأرض فعبر دجلة وقاتلهم في ذلك الفسيح وهزمهم فتحصنوا بالاسوار ثم استأمنوا فدخل البلد وملكه وسار لنصيبين وكانت لحسام الدين تمرتاش بن أبي الغازي صاحب ماردين فاستنجد عليه ابن عمه ركن الدولة داود بن سقمان صاحب كيفا فوعده بالنجدة وبعث حسام الدين بذلك الى أهل نصيبين يأمرهم بالمصابرة عشرين يوما الى حين وصوله فسقط في أيديهم لعجزهم عن ذلك واستأمنوا لعماد الدين فأمنهم وملكها وسار عنها لسنجار فامتنعوا عليه أوّلا ثم استأمنوا وملكها وبعث منها الى الخابور فملك جميعه ثم سار الى حران وكانت الرها وسروج البيرة في جوارها للافرنج وكانوا معهم في ضيقة فبادر أهل حران الى طاعته وأرسل الى جوسكين وهادنه حتى يتفرغ له فاستقرّ بينهما لصلح والله تعالى أعلم.
[استيلاء الاتابك زنكي على مدينة حلب]
كان البرسقي قد ملك حلب وقلعتها سنة ثمانية عشر واستخلف عليها ابنه مسعودا ثم قتل الباطنية البرسقي بالموصل فبادر ابنه مسعود الى الموصل واستخلف على حلب الأمير قزمان ثم عزله وبعث بولايتها الى الأمير قطلغ آية فمنعه قزمان وقال بيني وبينه علامة لم أرها في التوقيع فرجع الى مسعود فوجده قد [١] الرحبة فعاد الى حلب مسرعا ومال اليه أهل البلد ورئيسها مضايل بن ربيع وأدخلوه وملكوه واستنزلوا قزمان من القلعة وأعطوه ألف دينار وبلغوه مأمنه وملك قطلغ القلعة والبلد منتصف احدى وعشرين ثم ساءت سيرته وفحش ظلمه واشتمل عليه الأشرار فاستوحش الناس منه وثاروا به في عيد الفطر من السنة وقبضوا على أصحابه وولوا عليهم بدر الدولة سليمان بن عبد الجبار بن ارتق الّذي كان ملكها من قبل وحاصروا قطلغ بالقلعة ووصل حسان صاحب منبج وحسن صاحب مراغة لإصلاح الأمر فلم يتمّ وزحف جوسكين صاحب الرها من الافرنج الى حلب فصانعوه بالمال ورجع فزحف صاحب انطاكية وحاصر البلد وهم يحاصرون القلعة الى منتصف ذي القعدة من آخر السنة وانتهى عماد الدين زنكي الى صاحب حران كما ذكرناه فبعث الى أهل حلب أميرين من أصحابه بتوقيع السلطان له بالموصل والجزيرة والشام فبادروا الى الطاعة وسار اليه بدر الدولة ابن عبد الجبار وقطلغ آية وأقام أحد الأميرين بحلب ولما وصلا الى عماد الدين أصلح بينهما
[١] كذا بياض بالأصل وفي الكامل ج ١٠ ص ٦٤٩: فعاد قتلغ أبه الى مسعود وهو يحاصر الرّحبة فوجده قد مات فعاد الى حلب مسرعا.