للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تافراكين سلطانه أبا إسحاق لما يحتاج إليه من العساكر والآلة، وجعل على حربه ابنه أبا عبد الله محمد بن نزار من طبقة الفقهاء ومشيخة الكتّاب، كان يعلّم أبناء السلطان الكتاب ويقرئهم القرآن كما قدّمناه، وفصل من تونس في التعبية حتى إذا تراءى الجمعان كرّ محمد وتزاحفوا فاختل مصاف السلطان أبي إسحاق، وافترقت جموعه وولّوا منهزمين. واتبعهم القوم عشية يومهم ولحق السلطان بصاحبه أبي محمد بن تافراكين بتونس وجاءوا على أثره فنازلوا تونس أياما وطالت عليهم الحرب. ثم امتنعت عليهم وارتحلوا إلى القيروان، ثم إلى قفصة، وبلغهم أنّ ملك المغرب الأقصى السلطان أبا عبد الله قد خالفهم إلى قسنطينة بمداخلة أبي محمد بن تافراكين واستجاشته. ونازل جهات قسنطينة وانتهب زروعها وشنّ الغارات عليها وفي بسائطها فبلغهم أنه رجع إلى بجاية منكمشا من زحف بني مرين، واعتزم الأمير أبو زيد على مبادرة ثغره ودار إمارته يعني قسنطينة. ورغب إليه أبو العباس بن مكّي وأولاد مهلهل أن يخلف بينهم من إخوانه من يجتمعون إليه ويزاحفون به، فولّى عليهم أخاه العباس فبايعوه، وأقام فيهم هو وشقيقه أبو يحيى زكريا إلى أن كان من شأنه ما نذكر، وانصرف الأمير أبو زيد عند ذلك من قفصة يغذّ السير إلى قسنطينة واحتل بها في جمادى من سنته والله تعالى أعلم.

[(الخبر عن وفادة صاحب بجاية على أبي عنان واستيلائه عليه وعلى بلده ومطلبه قسنطينة)]

كان بين الأمير أبي عبد الله صاحب بجاية وبين الأمير أبي عنّان أيام إمارته بتلمسان، ونزول الأعياص الحفصيّين بندرومة ووجدة أيام أبيه كما ذكرناه اتصال ومخالصة، أحكمها بينهما نسب للشباب والملك وسابقة الصهر، فكان الأمير أبو عبد الله من أجل ذلك صاغية إلى بني مرين أوجد بها السبيل على ملكه. ولما مرّ السلطان أبو الحسن في أسطوله عند ارتحاله من تونس كما قدّمناه أمر أهل سواحله بمنعه الماء والأقوات من سائر جهاتها رعيا للذمة التي اعتقدها مع الأمير أبي عنّان في شأنه وجنوحا إلى تشييع سلطانه. ولما أوقع السلطان أبو عنان ببني عبد الواد سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة واستولى على المغرب الأوسط ونجا فلّهم إلى بجاية أوعز إلى الأمير أبي

<<  <  ج: ص:  >  >>