للفضائل وأهلها، وكان كثير الصدقة والمعروف ويدفع المال لذلك إلى القضاة ليصرفوه في وجوهه. وكان محبّا للعلم وأهله مقرّبا لهم محسنا إليهم، ويجلس معهم ويناظرهم في المسائل، فقصده العلماء من كل بلد، وصنّفت الكتب باسمه كالإيضاح في النحو والحجّة في القراءات والملكي في الطلب والتاجي في التواريخ وعمل البيمارستانات وبنى القناطر. وفي أيامه حدثت المكوس على المبيعات، ومنع من الاحتراف ببعضها، وجعلت متجرا للدولة. ولمّا توفي عضد الدولة اجتمع القوّاد والأمراء على ابنه أبي كليجار المرزبان وولّوه الملك مكانه، ولقّبوه صمصام الدولة، فخلع على أخيه الحسن أحمد وأبي ظاهر فيروز شاه وأقطعهما فارس وبعثهما إليها.
[(استيلاء شرف الدولة بن عضد الدولة على فارس واقتطاعها من أخيه صمصام الدولة)]
كان شرف الدولة أبو الفوارس شرزيك [١] قد ولّاه أبوه عضد الدولة قبل موته كرمان وبعث إليه، فلمّا بلغه وفاة أبيه سار إلى فارس فملكها وقتل نصر بن هارون النصراني وزير أبيه لأنه كان يسيء عشرته، وأطلق الشريف أبا الحسن محمد بن عمر العلويّ، كان أبوه حبسه بما قال عنه وزيره المظهر بن عبد الله عند قتله نفسه على البطيحة.
وأطلق النقيب أبا أحمد والد الشريف الرضي والقاضي أبا محمد بن معروف وأبا نصر خواشادة، وكان أبوه حبسهم وقطع خطبة أخيه صمصام الدولة وخطب لنفسه، وتلقّب بأخي الدولة ووصل أخوه أبو الحسن أحمد وأبو ظاهر فيروز شاه اللذان أقطعهما صمصام الدولة بشيراز فبلغهما خبر شرف الدولة بشيراز فعاد إلى الأهواز. وجمع شرف الدولة وفرّق الأموال، وملك البصرة وولّى عليها أخاه أبا الحسين. ثم بعث صمصام الدولة العساكر مع ابن تتش حاجب أبيه، وأنفذ مشرف الدولة مع أبي الأغرّ دبيس بن عفيف الأسديّ، والتقيا بظاهر قرقوب، وانهزم عسكر صمصام الدولة وأسر ابن تتش الحاجب واستولى حينئذ الحسين بن عضد الدولة على الأهواز ورامهرمز وطمع في الملك.
[١] شرف الدولة ابو الفوارس شيرزيل: ابن الأثير ج ٩ ص ٢٢.