فاستنجد صاحب ملطية عليه الإفرنج وجاء بيضل من أنطاكية سنة ثلاث وتسعين في خمسة آلاف فلقيه ابن الوانشمند وهزمه وأخذه أسيرا وجاء الإفرنج لتخليصه فنازلوا قلعة أنكوريّة وهي أنقرة فأخذوها عنوة ثم ساروا إلى أخرى فيها إسماعيل بن الوانشمند وحاصروها فجمع ابن الوانشمند وقاتلهم وأكمن لهم وكانوا في عدد كثير فلما قاتلهم استطرد لهم حتى خرج عليهم الكمين وكرّ عليهم فلم يفلت منهم أحد وسار إلى ملطية فملكها وأسر صاحبها وجاءه الإفرنج من أنطاكية فهزمهم.
[استيلاء قليج أرسلان على الموصل]
كانت الموصل وديار بكر والجزيرة بيد جكرمش من قواد السلجوقية فمنع الحمل وهم بالانتقاض فأقطع السلطان الموصل وما معها لجاولي سقاوو والكل من قوادهم وأمرهم بالمسير لقتال الإفرنج فسار جاولي وبلغ الخبر لجكرمش فسار من الموصل إلى أربل وتعاقد مع أبي الهيجاء بن موشك الكردي الهدباي صاحب أربل وانتهى إلى البوازيج فعبر إليه جكرمش دجلة وقاتله فانهزمت عساكر جكرمش وبقي جكرمش واقفا لفالج كان به فأسره جاولي ولحق الفل بالموصل فنصبوا مكانه ابنه زنكي صبيا صغيرا وأقام بأمره غزغلي مولى أبيه وكانت القلعة بيده وفرّق الأموال والخيول واستعدّ لمدافعة جاولي وكاتب صدقة بن مزيد والبرسقي شحنة بغداد وقلج أرسلان صاحب بلاد الروم يستنجدهم ويعد كلا منهم بملك الموصل إذا دافعوا عنه جاولي فأعرض صدقة عنه ولم يحتفل بذلك ثم سار جاولي إلى الموصل وحاصرها وعرض جكرمش للقتل أو يسلموا إليه البلد فامتنعوا وأصبح جكرمش في بعض أيام حصارها [١] وسمع جاولي بأن قلج أرسلان سار في عساكره إلى نصيبين فأفرج عن الموصل وسار إلى سنجار وسبق البرسقي إليها بعد رحيل جاولي وأرسل إلى أهلها فلم يجيبوه بشيء وعاد إلى بغداد واستدعى رضوان صاحب دمشق جاولي سقاوو لمدافعة الإفرنج عنه فساروا إليه وخرج من الموصل عسكر جكرمش إلى قلج أرسلان بنصيبين فتحالفوا معه وجاءوا به إلى الموصل فملكها آخر رجب من سنة خمسمائة وخرج إليه ابن جكرمش وأصحابه وملك القلعة من غزغلي وجلس على التخت وخطب لنفسه بعد الخليفة وأحسن الى العسكر وسار في الناس بالعدل وكان في جملته إبراهيم بن نيال التركماني صاحب آمد
[١] كذا بياض بالأصل، وفي الكامل ج ١٠ ص ٤٥٨: فلما اصطفوا للحرب حمل جاولي من القلب على قلب جكرمش فانهزم من فيه، وبقي جكرمش وحده لا يقدر على الهزيمة لفالج كان فيه.