أن سعدا بايع يومئذ، وفي أخبارهم أنه لحق بالشام فلم يزل هنالك حتى مات وأن الجن قتلته وينشدون البيتين الشهرين وهما
نحن قتلنا سيد الخزرج سعد بن عباده ... فرميناه بسهمين فلم نخط فؤاده
[الخلافة الإسلامية]
الخبر عن الخلافة الإسلامية في هذه الطبقة وما كان فيها من الرّدة والفتوحات وما حدث بعد ذلك من الفتن والحروب في الإسلام ثم الاتفاق والجماعة
ولما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أمر السقيفة كما قدمناه، أجمع المهاجرون والأنصار على بيعة أبي بكر ولم يخالف إلا سعد إن صحّ خلافه فلم يلتفت إليه لشذوذه. وكان من أوّل ما أعتمده إنفاذ بعث أسامة، وقد ارتدت [١] العرب إمّا القبيلة مستوعبة وإمّا بعض منها، ونجم النفاق والمسلمون كالغنم في الليلة الممطرة لقلّتهم وكثرة عدوّهم وإظلام الجوّ بفقد نبيّهم، ووقف أسامة بالناس ورغب من عمر التخلف عن هذا البعث والمقام مع أبي بكر شفقة من أن يدهمه أمر، وقالت له الأنصار فإن أبي إلّا المضي فليول علينا أسنّ من أسامة. فأبلغ عمر ذلك كله أبا بكر فقام وقعد وقال: لا أترك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أخرج وأنفذه. ثم خرج حتى أتاهم فأشخصهم وشيّعهم وأذن لعمر في الشخوص، وقال: أوصيكم بعشر فاحفظوها عليّ: لا تخونوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا الطفل ولا الشيخ ولا المرأة ولا تفرقوا نخلا ولا تحرقوه ولا تقطعوا شجرة ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرا إلّا للأكل، وإذا مررتم بقوم فرّغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له، وإذا لقيتم أقواما فحصوا أواسط رءوسهم وتركوا حولها فتل العصاب فاضربوا بالسيف ما فحصوا عنه، فإذا قرب عليكم الطعام فاذكروا اسم الله عليه وكلوا ترفعوا باسم الله يا أسامة اصنع ما أمرك به نبي الله ببلاد قضاعة ثم أتت آفل ولا تقصر في شيء من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم» . ثم ودّعه من الجرف ورجع.
وقد كان بعث معه من القبائل من حول المدينة الذين لهم الهجرة في ديارهم وحبس من بقي منهم فصار مسالح حول قبائلهم ومضي أسامة مغذّا وانتهى لما أمر النبي صلى