للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(الخبر عن حاميم المتنبي من غمارة)]

كان غمارة هؤلاء عريقين في الجاهلية بل الجهالة والبعد عن الشرائع بالبداوة والانتباذ عن مواطن الخير، وتنبّأ فيهم من مجكسة حاميم بن من الله بن جرير بن عمر بن رحفو [١] بن آزوال [٢] بن مجكسة يكنّى أبا محمد وأبوه أبو خلف. تنبّأ سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة بجبل حاميم المشتهر به قريبا من تطوان، واجتمع إليه كثير منهم وأقرّوا بنبوّته وشرع لهم الشرائع والديانات من العبادات والأحكام، وصنع لهم قرآنا كان يتلوه عليهم بلسانه. فمن كلامه: «يا من يخلى البصر، ينظر في الدنيا، خلني من الذنوب يا من أخرج موسى من البحر آمنت بحاميم وبأبيه أبي خلف من الله وآمن رأسي وعقلي وما يكنّه صدري، وما أحاط به دمي ولحمي، وآمنت تبانعنت [٣] عمّة حاميم أخت أبي خلف من الله» ، وكانت كاهنة ساحرة إلى غير هذا، وكان يلقّب المفتري، وكانت أخته دبّو ساحرة كاهنة، وكانوا يستغيثون بها في الحروب والقحوط، وقتل في حروب مصمودة بأحواز طنجة سنة خمسة عشر وثلاثمائة، وكان لابنه عيسى من بعده قدر جليل في غمارة، ووفد على الناصر. ورهطهم بنو زحفوا موطنون وادي لاو ووادي راس قرب تطوان، وكذلك تنبّأ منهم بعد ذلك عاصم بن جميل اليزدجومي، وله أخبار مأثورة، وما زالوا يفعلون السحر لهذا العهد. وأخبرني المشيخة من أهل المغرب أن أكثر منتحلي السحر منهم النساء العواتق. قال: ولهم علم استجلاب روحانية ما يشاؤنه من الكواكب، فإذا استولوا عليه وتكنّفوا بتلك الروحانية تصرّفوا منها في الأكوان بما شاءوا والله أعلم.

[(الخبر عن دولة الادارسة وهي غمارة وتصاريف أحوالهم)]

كان عمر بن إدريس عند ما قسّم محمد بن إدريس أعمال المغرب بين إخوته برأي


[١] وفي النسخة الباريسية: وصفوال.
[٢] وفي نسخة أخرى: آزروال.
[٣] وفي نسخة أخرى: بنابعيت وفي النسخة الباريسية: بتايغيت.

<<  <  ج: ص:  >  >>