العسكران منهزمين، وقصد مسعود أذربيجان وداود همذان. وجاء إليه الراشد بعد الوقعة وأشار بوزابة وكان كبير القوم بمسيرهم، فسار بهم إلى فارس فملكها وأضافها إلى خوزستان. وسار سلجوق شاه ابن السلطان مسعود ليملكها فدافعه عنها البقش الشحنة ومطر الخادم أمير الحاج، وثار العيّارون أيام تلك الحرب، وعظم الهرج ببغداد، ورحل الناس عنها إلى البلاد. فلمّا انصرف سلجوق شاه واستقرّ البقش الشحنة فتك فيهم بالقتل والصلب. ولما قتل صدقة بن دبيس ولّى السلطان على الحلّة محمدا أخاه وجعل معه مهلهلا أخا عنتر بن أبي العسكر يدبره. ولما وصل الراشد والملك داود إلى خوزستان مع الأمراء على ما ذكرناه، وملكوا فارس، ساروا إلى العراق ومعهم خوارزم شاه. فلما قاربوا الجزيرة خرج السلطان مسعود لمدافعتهم فافترقوا، ومضى الملك داود إلى فارس وخوارزم شاه إلى بلاده، وبقي الراشد وحده، فسار إلى أصبهان فوثب عليه في طريقه نفر من الخراسانيّة الذين كانوا في خدمته فقتلوه في القيلولة خامس عشر رمضان سنة اثنتين وثلاثين، ودفن بشهرستان ظاهر أصبهان.
وعظم أمر هذه الفتنة واختلفت الأحوال والمواسم وانقطعت كسوة الكعبة في هذه السنة من دار الخلافة من قبل السلاطين، حتى قام بكسوتها تاجر فارسيّ من المترددين إلى الهند، أنفق فيها ثمانية عشر ألف دينار مصرية، وكثر الهرج من العيّارين حتى ركب زعماؤهم الخيول وجمعوا الجموع، وتستر الوالي ببغداد بلباس ابن أخيه سراويل الفتوّة عن زعيمهم ليدخل في جملتهم، وحتى همّ زعيمهم بنقش اسمه في سكة بانبار فحاول الشحنة والوزير على قتله فقتل، ونسب أمر العيّارين إلى البقش الشحنة لما أحدث من الظلم والعسف فقبض عليه السلطان مسعود وحبسه بتكريت عند مجاهد الدين بهروز، ثم أمر بقتله فقتل. ثم قدم السلطان مسعود في ربيع سنة ثلاث وثلاثين في الشتاء، وكان يشتي بالعراق ويصيّف بالجبال. فلما قدم أزال المكوس وكتب بذلك في الألواح فنصبت في الأسواق وعلى أبواب الجامع ورفع عن العامّة نزول الجند عليهم فكثر الدعاء له والثناء عليه.
[وزارة الخليفة]
وفي سنة أربع وثلاثين وقع بين المقتفي ووزيره عليّ بن طراد الزينبي وحشة بما كان يعترض على المقتفي في أمره، فخاف واستجار بالسلطان مسعود فأجاره، وشفع إلى