للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حبس عبد الله بن علي]

كان عبد الله بن علي بعد هزيمته أمام أبي مسلم لحق بالبصرة، ونزل على أخيه سليمان.

ثم إنّ المنصور عزل سليمان سنة تسع وثلاثين فاختفى عبد الله وأصحابه، فكتب المنصور إلى سليمان وأخيه عيسى بأمان عبد الله وقوّاده ومواليه وإشخاصهم إلى المنصور منهما فشخصوا. ولما قدما عليه فأذن لهما فأعلماه بحضور عبد الله واستأذناه له فشغلهما بالحديث وأمر بحبسه في مكان قد هيئ له في القصر، فلما خرج سليمان وعيسى لم يجدا عبد الله فعلما أنه قد حبس وأن ذمّتهما قد أخفرت، فرجعا إلى المنصور فحبسا عنه وتوزع أصحاب عبد الله بين الحبس والقتل، وبعث ببعضهم إلى أبي داود خالد ابن إبراهيم بخراسان فقتلهم بها. ولم يزل عبد الله محبوسا حتى عهد المنصور إلى المهدي سنة تسع وأربعين وأمر موسى بن عيسى فجعله بعد المهدي ودفع إليه عبد الله، وأمره بقتله، وخرج حاجا وسارّ عيسى كاتبه يونس بن فروة في قتل عبد الله بن علي فقال:

لا تفعل فإنه يقتلك به، وإن طلبه منك فلا تردّه إليه سرّا فلما قفل المنصور من الحج دسّ على أعمامه من يحرّضهم على الشفاعة في أخيهم عبد الله فشفعهم، وقال لعيسى جئنا به فقال: قتلته كما أمرتني فأنكر المنصور وقال خذوه بأخيكم فخرجوا به ليقتلوه حتى اجتمع الناس واشتهر الأمر فجاء به وقال: هو ذا حي سويّ، فجعله المنصور في بيت أساسه ملح وأجرى عليه الماء فسقط ومات.

[وقعة الراوندية]

كان هؤلاء القوم من أهل خراسان ومن أتباع أبي مسلم يقولون بالتناسخ والحلول، وأن روح آدم في عثمان بن نهيك وأنّ الله حلّ في المنصور وجبريل في الهيثم بن معاوية. فحبس المنصور نحوا من مائتين منهم فغضب الباقون واجتمعوا وحملوا بينهم نعشا كأنهم في جنازة وجاءوا إلى السجن فرموا بالنعش وأخرجوا أصحابهم وحملوا على الناس في ستمائة رجل وقصدوا قصر المنصور وخرج المنصور من القصر ماشيا وجاء معن بن زائدة الشيبانيّ وكان مستخفيا من المنصور لقتاله مع ابن هبيرة وقد اشتدّ طلب المنصور له فحضر عنده هذا اليوم متلثّما وترجّل وأبلى. ثم جاء إلى المنصور ولجام بغلته في يد الربيع حاجبه وقال: تنح ذا أنا أحق بهذا اللجام في هذا الوقت

<<  <  ج: ص:  >  >>