للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[استيلاء الإفرنج على عسقلان]

كانت عسقلان في طاعة الظافر العلويّ ومن جملة ممالكه وكان الإفرنج يتعاهدونها بالحصار مرّة بعد مرّة وكان الوزراء يمدّونها بالأموال والرجال والأسلحة وكان لهم التحكم في الدولة على الخلفاء العلوية فلما قتل ابن السلار سنة ثمان وأربعين اضطرب الحال بمصر حتى ولي عباس الوزارة فسار الإفرنج خلال ذلك من بلادهم بالشام وحاصروا عسقلان وامتنعت عليهم ثم اختلف أهل البلد وآل أمرهم إلى القتال فاغتنم الإفرنج الفرصة وملكوا البلد وعاثوا فيها والله يؤيد بنصره من يشاء من عباده [١] .

[ثورة المسلمين بسواحل إفريقية على الإفرنج المتغلبين فيها]

قد تقدّم لنا وفاة رجار وملك ابنه غليالم وإنه ساء تدبير وزيره فاختلف عليه الناس وبلغ ذلك المسلمين الذين تغلبوا عليهم بإفريقية وكان رجار قد ولى على المسلمين بمدينة صفاقس


[ () ] والسلاح فدخلوا البلد وأرسلوا إلى العرب وبذلوا لهم مالا لينهزموا، وخرجوا من الغد فاقتتلوا هم وأهل زويلة فانهزمت العرب وبقي أهل زويلة وأهل سفاقس وركبوا في البحر فخرجوا. وبقي أهل زويلة فحمل عليهم الفرنج فانهزموا إلى زويلة فوجدوا أبوابها مغلقة فقاتلوا تحت السور وصبروا حتى قتل أكثرهم ولم ينج إلا القليل فتفرقوا. ومضى بعضهم إلى عبد المؤمن. فلما قتلوا هرب من سلم من الحرم والصبيان والشيوخ في البر ولم يعرّجوا على شيء من أموالهم. ودخل الفرنج زويلة فقتلوا من وجدوا فيها من النساء والأطفال ونهبوا الأموال واستقر الفرنج بالمهدية إلى أن أخذها منهم عبد المؤمن.
[١] كذلك ذكرت هذه الحادثة هنا مقتضية وفي الكامل ج ١١ ص ١٨٨: (ذكر ملك الفرنج مدينة عسقلان) في هذه السنة ملك الفرنج بالشام مدينة عسقلان، وكانت من جملة مملكة الظافر باللَّه العلويّ المصري وكان الفرنج كل سنة يقصدونها ويحصرونها فلا يحدون إلى ملكها سبيلا. وكان الوزراء بمصر لهم الحكم في البلاد، والخلفاء معهم اسم لا معنى تحته. وكان الوزراء كل سنة يرسلون إليها من الذخائر والأسلحة والأموال والرجال من يقوم بحفظها. فلما كان في هذه السنة قتل ابن السلار على ما ذكرناه واختلفت الأهواء في مصر وولي عباس الوزارة وإلى أن استقرت قاعدة اغتنم الفرنج اشتغالهم عن عسقلان فاجتمعوا وحصورها فصبر أهلها وقاتلوهم قتالا شديدا، حتى أنهم بعض الأيام قاتلوا خارج السور وردوا الفرنج إلى خيامهم مقهورين. وتبعهم أهل البلد إليها فأيس حينئذ من ملكه فبينا هم على عزم الرحيل إذ قد أتاهم الخبر أن البلد قد وقع بين أهله خلاف، وقتل منهم قتلى فصبروا. وكان سبب هذا الاختلاف أنهم لما عادوا عن قتال الفرنج قاهرين منصورين ادعى كل طائفة منهم أن النصرة من جهتهم كانت وأنهم الذين ردوا الفرنج خاسرين فعظم الخصام بينهم إلى أن قتل من إحدى الطائفتين قتيل، واشتد الخطب وعظم حينئذ وتفاقم الشر، ووقعت الحرب بينهم فقتل بينهم قتلى فطمع الفرنج وزحفوا إليه وقاتلوا عليه فلم يحدوا من يمنعهم فملكوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>