ولما توفي أبو إبراهيم ولي مكانه ابنه زيادة الله، ويعرف بزيادة الله الأصغر فجرى على سنن سلفه، ولم تطل أيامه. وتوفي سنة خمسين لحول من ولايته.
[(أخوه أبو الغرانيق بن أبي إبراهيم بن أحمد)]
ولما توفي زيادة الله كما قدّمناه ولي مكانه أخوه محمد ويلقب بأبي الغرانيق فغلب عليه اللهو والشراب. وكانت في أيامه حروب وفتن. وفتح جزيرة مالطة سنة خمس وخمسين. وتغلب الروم على مواضع من جزيرة صقلّيّة، وبنى محمد حصونا ومحارس على ساحل البحر بالمغرب على مسيرة خمسة عشر يوما من برقة إلى جهة المغرب وهي الآن معروفة. ثم توفي أبو الغرانيق منتصف إحدى وستين لإحدى عشرة سنة من ولايته.
(بقية أخبار صقلّيّة)
وفي سنة ثمان وعشرين سار الفضل بن جعفر الهمدانيّ في البحر ونزل مرسى مسينة وحاصرها فامتنعت عليه، وبث السرايا في نواحيها فغنموا. ثم بعث طائفة من عسكره وجاءوا إلى البلد من وراء جبل مطل عليه، وهم مشغولون بقتاله فانهزموا، وأعطوا باليد ففتحها. ثم حاصر سنة اثنتين وثلاثين مدينة لسى، وكاتب أهلها بطريق صقلّيّة يستمدونه فأجابهم وأعطاهم العلامة بإيقاد النار على الجبل. وبلغ ذلك الفضل بن جعفر فأوقد النار على الجبل، وأكمن لهم من ناحيته فخرجوا واستطرد لهم حتى جاوزوا الكمين، فخرجوا عليهم، فلم ينج منهم إلا القليل، وسلموا البلد على الأمان. وفي سنة ثلاث وثلاثين أجاز المسلمون إلى أرض أنكبردة من البرّ الكبير، وملكوا منها مدينة وسكنوها، وفي سنة أربع وثلاثين صالح أهل رغوس، ابن خلدون م ١٧ ج ٤