ولما طال البلاء من الحبشة على أهل اليمن، خرج سيف بن ذي يزن الحميريّ من الأذواء بقية ذلك السلف، وعقب أولئك الملوك، وديال الدولة المفوض للخمود.
وقد كان أبرهة انتزع منه زوجته ريحانة بعد أن ولدت منه ابنه معديكرب كما مرّ.
ونسبه فيما قال الكلبيّ سيف بن ذي يزن بن عافر بن أسلم بن زيد بن سعد بن عوف بن عدي بن مالك بن زيد الجمهور، هكذا نسبه ابن الكلبيّ، ومالك بن زيد هو أبو الأذواء. فخرج سيف وقدم على قيصر ملك الروم وشكى إليه أمر الحبشة، وطلب أن يخرجهم ويبعث على اليمن من شاء من الروم، فلم يسعفه عن الحبشة، وقال الحبشة على دين النصارى. فرجع إلى كسرى وقدم الحيرة على النعمان بن المنذر عامل فارس على الحيرة وما يليها من أرض العرب، فشكى إليه، واستمهله النعمان إلى حين وفادته على كسرى، وأوفد معه وسأله النصر على الحبشة وأن يكون ملك اليمن له.
فقال: بعدت أرضك عن أرضنا، أو هي قليلة الخير إنما هي شاء وبعير ولا حاجة لنا بذلك. ثم كساه وأجازه، فنثر دنانير الاجازة ونهبها الناس يوهم الغنى عنها بما في أرضه. فأنكر عليه كسرى ذلك. فقال: جبال أرضي ذهب وفضة، وإنما جئت لتمنعني من الظلم. فرغب كسرى في ذلك، وأمهله للنظر في أمره، وشاور أهل دولته، فقالوا في سجونك رجال حبستهم للقتل ابعثهم معه فإن هلكوا كان الّذي أردت بهم، وإن ملكوا كان ملكا ازددته إلى ملكك. وأحصوا ثمانمائة وقدم عليهم أفضلهم وأعظمهم بيتا وأكبرهم نسبا وكان وهزر الديلميّ.
وعند المسعودي وهشام بن محمد والسهيليّ أنّ كسرى وعده بالنصر ولم ينصره وشغل بحرب الروم، وهلك سيف بن ذي يزن عنده، وكبر ابنه ابن ريحانة وهو معديكرب وعرّفته أمّه بأبيه، فخرج ووفد على كسرى يستنجزه في النصرة التي وعد بها أباه، وقال له: أنا ابن الشيخ اليمني الّذي وعدته. فوهبه الدنانير ونثرها إلى آخر القصة.
وقيل إنّ الّذي وفد على كسرى وأباد الحبشة هو النعمان بن قيس بن عبيد بن سيف بن ذي يزن. قالوا ولما كتبت الفرس مع وهزر وكانوا ثمانمائة، وقال ابن قتيبة كانوا سبعة آلاف وخمسمائة، وقال ابن حزم كان وهزر من عقب جاماسب عمّ أنوشروان، فأمّره على أصحابه وركبوا البحر ثمان سفائن فغرقت منها سفينتان وخلصت ست إلى