للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كيف خرج لك الجواب المضمر بسرّ التّناسب الّذي بين أعداد المسألة والوهم أوّل ما يلقي إليك هذه وأمثالها إنّما يجعله من قبيل الغيب الّذي لا يمكن معرفته وظهر أنّ التّناسب بين الأمور هو الّذي يخرج مجهولها من معلومها وهذا إنّما هو في الواقعات الحاصلة في الوجود أو العلم وأمّا الكائنات المستقبلة إذا لم تعلم أسباب وقوعها ولا يثبت لها خبر صادق عنها فهو غيب لا يمكن معرفته وإذا تبيّن لك ذلك فالأعمال الواقعة في الزّايرجة كلّها إنّما هي في استخراج الجواب من ألفاظ السّؤال لأنّها كما رأيت استنباط حروف على ترتيب من تلك الحروف بعينها على ترتيب آخر وسرّ ذلك إنّما هو من تناسب بينهما يطّلع عليه بعض دون بعض فمن عرف ذلك التّناسب تيسّر عليه استخراج ذلك الجواب بتلك القوانين والجواب يدلّ في مقام آخر من حيث موضوع ألفاظه وتراكيبه على وقوع أحد طرفي السّؤال من نفي أو إثبات وليس هذا من المقام الأوّل بل إنّما يرجع لمطابقة الكلام لما في الخارج ولا سبيل إلى معرفة ذلك من هذه الأعمال بل البشر محجوبون عنه وقد استأثر الله بعلمه وَالله يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ٢: ٢١٦.

الباب الثاني في العمران البدويّ والأمم الوحشية والقبائل وما يعرض في ذلك من الأحوال وفيه فصول وتمهيدات

[الفصل الأول في أن أجيال البدو والحضر طبيعية]

اعلم أنّ اختلاف الأجيال في أحوالهم إنّما هو باختلاف نحلتهم من المعاش فإنّ اجتماعهم إنّما هو للتّعاون على تحصيله والابتداء بما هو ضروريّ منه ونشيط قبل الحاجيّ والكماليّ فمنهم من يستعمل الفلح من الغراسة والزّراعة ومنهم من

<<  <  ج: ص:  >  >>