للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنو واسكيت فأوقع بهم الموحّدون وأثخنوا فيهم قتلا وأسرا. ثم غزا بلد غجرامة [١] وكان قد افتتحه وترك فيه الشيخ أبا محمد عطية من أصحابه فغدروا به، وقتلوه فغزاهم واستباحهم. ورجع إلى تين ملّل وأقام بها إلى أن كان شأن البشير وميز الموحد من المنافق. وكانوا يسمّون لمتونة الحشم فاعتزم على غزوهم، وجمع كافة أهل دعوته من المصامدة، وزحف إليهم فلقوه بكيك، وهزمهم الموحدون واتبعوهم الى أغمات فلقيهم هنالك زحوف لمتونة مع بكر [٢] بن علي بن يوسف وإبراهيم بن تاعباشت فهزمهم الموحّدون. وقتل إبراهيم واتبعوهم إلى مراكش، فنزلوا البحيرة في زهاء أربعين ألفا كلهم راجلين إلّا أربعمائة فارس.

واحتفل علي بن يوسف الاحتشاد وبرز إليهم لأربعين من نزولهم خرج عليهم من باب إيلان فهزمهم وأثخن فيهم قتلا وسبيا، وفقد البشير من أصحابه. واستحرّ القتل في هيلانة، وأبلى عبد المؤمن في ذلك اليوم أحسن البلاء. وكانت وفاة المهدي لأربعة أشهر بعدها. وكان يسمّى أصحابه بالموحّدين تعريضا بلمتونة في أخذهم بالعدول عن التأويل وميلهم إلى التجسيم. وكان حصورا لا يأتي النساء. وكان يلبس العباءة المرقّعة. وله قدم في التقشّف والعبادة، ولم تحفظ عنه فلتة في البدعة إلا ما كان من وفاقه الإمامية من الشيعة في القول بالإمام المعصوم والله تعالى أعلم.

[الخبر عن دولة عبد المؤمن خليفة المهدي والخلفاء الأربعة من بنيه ووصف أحوالهم ومصاير أمورهم]

لما هلك المهدي سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة [٣] كما ذكرناه وقد عهد بأمره من بعده لكبير صحابته عبد المؤمن بن علي الكومي المتقدّم ذكره، ونسبه عند ذكر قومه، فقبره بمسجده لصق داره من تين ملّل. وخشي أصحابه من افتراق الكلمة وما يتوقع من سخط المصامدة ولاية عبد المؤمن بن علي لكونه من غير جلدتهم، فأرجئوا الأمر إلى أن تخالط بشاش الدعوة قلوبهم، وكتموا موته، زعموا ثلاث سنين


[١] وفي النسخة الباريسية: غجدامة.
[٢] وفي النسخة الباريسية: نكو وفي نسخة ثانية مكر.
[٣] وفد قبائل المغرب ان المهدي توفي سنة ٥٢٤ هـ- ١١٣٠ م/ ص ١٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>