للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحكامهم إلى قائد عسكره. ونظر ابن مزني مصروفا إلى بجاية [١] ولما وصل الوفد إلى بسكرة خرجوا إلى القائد ومنصور بن مزني، فأدخلوه البلد ودانوا بالطاعة، وتصرّفت الأمور على ذلك إلى أن كان من أمر منصور بن مزني ما نذكره في أخباره، ولم يزل الزاب في دعوة الأمير أبي زكريا وبنيه إلى أن استولى على الحضرة بعده بنوة لهذا العهد، كما تراه في الأخبار بعد إن شاء الله تعالى.

[(الخبر عن مهلك عبد الله الفازازي شيخ الموحدين والحاجب أبي القاسم بن الشيخ رؤساء الدولة)]

كان أبو عبد الله الفازازي من مشيخة الموحّدين، وكان خالصة للسلطان أبي حفص، وعقد له على العساكر كما قدّمناه ودفعه إلى الحروب وتمهيد النواحي، فقام في ذلك المقام المحمود، ودوّخ الجهات واستنزل الثّوار ودفعهم، وجبى الخراج وكانت له في ذلك آثار مذكورة، وفي بلاد الجريد ومشيختها تصاريف وأحوال، وهو الّذي امتحن أحمد بن بهلول [٢] بسعاية المشيخة من أهل توزر، وكبح عنانه من مراميه إلى الرئاسة عليهم، وهلك آخر حركاته إلى بلاد الجريد على مرحلتين من تونس سنة ثلاث وتسعين وستمائة ولسنة منها كان مهلك الحاجب أبي القاسم بن الشيخ، وكان من خبر أوليته أنه قدم من بلده دانية إلى بجاية سنة ست وعشرين وستمائة واتصل بعاملها محمد بن ياسين فاستكتبه وغلب عليه.

واستدعى ابن ياسين إلى الحضرة وابن الشيخ في جملته، والتمس السلطان من يرشحه لكتابته ويخف عليه، فاطنب ابن ياسين في وصف كاتبه أبي القاسم بن الشيخ وحلاه، وابتلاه السلطان فلم يرضه وصرفه، ثم راجع رأيه فيه واستحسنه ورسمه في خدمته، وأمر ابن أبي الحسين بتلقينه الآداب وتصريفه في وجوه الخدمة ومذاهبها.

فكان له في ذلك غناء وخفّة على مخدومه إلى أن هلك ابن أبي الحسين. وكان الخراج بدار السلطان موقوفا على نظره من جملة ما إليه، وكان قلمه عاملا فيه، فأفرد ابن الشيخ بذلك بعد مهلكه إلى آخر أيام السلطان المنتصر. ولمّا ولي السلطان


[١] وفي نسخة أخرى: الى الجباية فقط.
[٢] وفي نسخة أخرى: أحمد بن يملول.

<<  <  ج: ص:  >  >>