فاستبلغ في تكريمه ولحق وزيره مسعود بن ماسي بدبدة ونزل على أميره محمد بن زكراز [١] صاحب ذلك الثغر. وبعث إلى الأمير عبد الرحمن من تلمسان ليطارد به لفرصة ظنّها في المغرب ينتهزها. وأبي عليه أبو حمّو من ذلك، فركب مطيّة الفرار ولحق بابن ماسي وأصحابه، فنصّبوه للأمر وأجلبوا على تازى. ونهض الوزير إليهم في العساكر واحتلّ بتازى وتعرّضوا للقائه، ففضّ جموعهم وردّهم على أعقابهم إلى جبل دبدو وسعى بينهم ونزمار بن عريف ولي الدولة في قبض عنانهم عن المنازعة والتجافي عن طلب الأمر، وأن يجيزوا إلى الأندلس للجهاد فأجاز عبد الرحمن بن أبي يفلوسن ووزيره ابن ماسي من غسّاسة فاتح سبع وستين وسبعمائة وخلا الجو من أجلابهم وعنادهم ورجع الوزير إلى فاس واحتشد إلى مراكش كما نذكره إن شاء الله تعالى.
(الخبر عن نهوض الوزير عمر وسلطانه الى مراكش)
لما فرغ عمر من شأن مسعود وعبد الرحمن بن أبي يفلوسن صرف نظره إلى ناحية مراكش وانتزى عامر بن محمد بها. وأجمع أمره على الحركة إليه فأفاض العطاء.
ونادى بالسفر إلى حرب عامر وأزاح العلل، وارتحل إليه لرجب من سنة سبع وستين وسبعمائة وصعد عامر وسلطانه أبو الفضل إلى الجبل. فاعتصم به وأطلق عبد المؤمن من معتقله، ونصب له الآلة وأجلسه على سرير حذاء سرير أبي الفضل يوهم أنه قد بايع له، وانه أحكم أمره يجأجئ بذلك لبني مرين لما يعلم من صاغيتهم إليه.
وخشي مغبّة ذلك، فألان له القول ولاطفه في الخطاب، وسعى بينهما في الصلح حسّون بن علي الصبيحي فعقد له عمر من ذلك ما أرضاه وانقلب إلى فاس.
ورجّع عامر عبد المؤمن إلى معتقله وأمر الأحوال على ما كانت من قبل إلى أن بلغهم قتل الوزير لسلطانه، كما نذكره إن شاء الله تعالى.
[١] وفي نسخة ثانية: محمد بن زكدان وقد مر معنا في السابق.