للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فتح الحيرة]

ثم سافر خالد إلى الحيرة وحمل الرجال والأثقال في السفن، وخرج ابن زيان من [١] الحيرة ومعه الأزادية فعسكر عند الغريّين وأرسل ابنه ليقاطع الماء عن السفن، فوقفت على الأرض. وسار إليه خالد فلقيه على فرات باذقلا [٢] فقتله وجميع من معه، وسار نحو أبيه على الحيرة فهرب بغير قتال لما كان بلغه من موت أردشير كسرى وقتل ابنه. ونزل خالد منزله بالغريّين وحاصر قصور الحيرة وافتتح الديور وصاح القسيسون والرهبان بأهل القصور فرجعوا على الاباية، وخرج إياس بن قبيصة من القصر الأبيض، وعمرو بن عبد المسيح بن قيس بن حيان بن بقيلة، وكان معمرا وسأله خالد عن عجيبة قد رآها، فقال: رأيت القرى ما بين دمشق والحيرة تسافر بينهما المرأة فلا تتزود إلا رغيفا واحدا. ثم جاءه واستقرب منه ورأى مع خادمه كيسا فيه سم فأخذه خالد ونثره في يده، وقال ما هذا؟ قال خشيت أن تكونوا على غير ما وجدت فيكون الموت أحب إليّ من مكروه أدخله على قومي، فقال له خالد: لن تموت حتى تأتي على أجلها. ثم قال: باسم الله الّذي لا يضرّ مع اسمه شيء وابتلع السم فوعك ساعة ثم قام كأنما نشط من عقال. فقال عبد المسيح: لتبلغنّ ما أردتم ما دام أحد منكم هكذا. ثم صالحهم على مائة أو مائتين وتسعين ألفا وعلى كرامة [٣] بنت عبد المسيح لشريك كان النبي صلى الله عليه وسلم عرّف بها إذا فتحت الحيرة فأخذها شريك، وافتدت منه بألف درهم وكتب لهم بالصلح وذلك في أول سنة اثنتي عشرة.

[فتح ما وراء الحيرة]

كان الدهاقين يتربصون بخالد ما يصنع بأهل الحيرة فلما صالحهم واستقاموا له جاءته الدهاقين من كل ناحية فصالحوه عمّا يلي الحيرة من الفلاليح وغيرها على ألف ألف وقيل على ألفي ألف سوى جباية كسرى، وبعث خالد ضرار بن الأزور وضرار بن


[١] وفي نسخة أخرى: وخرج وزبان الحيرة.
[٢] وفي نسخة أخرى: باذقلة.
[٣] رواية الدميري الشيما والصحابي هو أوس بن خزيمة، انظر ترجمة البقلة (قاله نصر) .

<<  <  ج: ص:  >  >>