للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين من طلبهم. وكانت الغنيمة عظيمة وأخذ الجزية من الفلاحين وصاروا في ذمّة، ولم يقاتل المسلمين من الفرس بعد قارن أعظم منه، وتسمى هذه الوقعة بالثني وهو النهر.

ولما جاء الخبر إلى أردشير بالهزيمة بعث الأندرزغر وكان فارسا من مولدي السواد فأرسل في أثره عسكرا مع بهمن حاذويه، وحشد الأندرزغر ما بين الحيرة وكسكر من عرب الضاحية والدهاقين وعسكروا بالولجة، وسار إليهم خالد فقاتلهم وصبروا، ثم جاءهم كمين من خلفهم فانهزموا ومات الأندرزغر عطشا. وبذل خالد الأمان للفلّاحين فصاروا ذمة، وسبى ذراري المقاتلة ومن أعانهم وأصاب اثنين من نصارى بني وائل أحدهما جابر بن بجير والآخر ابن عبد الأسود من عجل فأسرهما، وغضب بكر بن وائل لذلك فاجتمعوا على الليس [١] وعليهم عبد الأسود العجليّ، فكتب أردشير إلى بهمن حاذويه، وقد أقام بعد الهزيمة كتابا يأمره بالمسير إلى نصارى العرب بالليس فيكون معهم إلى أن يقدم عليهم جابان من المرازبة، فقدم بهم على أردشير ليشاوره وخالفه جابان إلى نصارى العرب من عجل وتيم اللات وضبيعة وعرب الضاحية من الحيرة وهم مجتمعون على الليس. وسار إليهم خالد حين بلغه خبرهم ولا مشعر لهم بجابان [٢] ، فلما حط الأثقال سار إليهم وطلب المبارزة، فبرز إليه مالك بن قيس فقتله خالد، واشتد القتال بينهم وسائر المشركين ينتظرون قدوم بهمن، ثم انهزموا واستأسر الكثير منهم وقتلهم خالد حتى سال النهر بالدم وسمي نهر الدم، ووقف على طعام الأعاجم وكانوا قعودا للأكل فنفله المسلمين، وجعل العرب يتساءلون عن الرقاق يحسبونه رقاعا. وبلغ عدد القتلى سبعين ألفا. ولما فرغ من الليس سار إلى أمغيشيا فغزا أهلها وأعجلهم أن ينقلوا أموالهم فغنم جميع ما فيها وخرّبها.


[١] وفي نسخة أخرى: الليث.
[٢] وفي نسخة أخرى: ولا يشعر بجابان.

<<  <  ج: ص:  >  >>