للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(الخبر عن بني مزني أمراء بسكرة وما إليها من الزاب)]

هذا البلد بسكرة هو قاعدة وطن الزاب لهذا العهد، وحدّه من لدن قصر الدوسن بالمغرب إلى قصور هولة [١] وبادس في المشرق، يفصل بينه وبين البسيط الّذي يسمّونه الحضنة جبل جاتم من المغرب إلى المشرق، ذو ثنايا تفضي إليه من تلك الحضنة، وهو جبل درن المتّصل من أقصى المغرب إلى قبلة برقة. ويعتمر بعض ذلك الجبل في محاذاة الزاب من غربيه بقايا عمرت من زناتة، ويتصل من شرقيه بجبل أوراس المطل على بسكرة المعترض في ذلك البسيط من القبلة إلى الجوف [٢] .

وهو جبل مشهور الذكر يأتي الخبر عن بعض ساكنيه. وهذا الزاب وطن كبير يشتمل على قرى متعدّدة متجاورة جمعا جمعا، يعرف كلّ واحد منها بالزاب. وأوّلها زاب الدوسن، ثم زاب طولقة ثم زاب مليلة وزاب بسكرة وزاب تهودا وزاب بادس.

وبسكرة أمّ هذه القرى كلها، وكانت مشيختها في القديم بعد الأغالبة والشيعة لعهد صنهاجة ملوك القلعة من بني رمّان من أهلها بما كثروا بساكنها. وملكوا عامّة ضياعها. كان لجعفر بن أبي رمّان منهم له صيت وشهرة.

وربّما نقضوا الطاعة لعهد بلكّين بن محمد بن حمّاد صاحب القلعة في سني خمسين وأربعمائة، وضبطوا البلد وامتنعوا. وتولى كبر ذلك جعفر بن أبي رمانة، ونازلتهم جيوش صنهاجة إلى نظر الوزير خلف بن أبي حديدة [٣] من صنائع الدولة فاقتحمها عليهم، واحتملهم إلى القلعة فقتلهم بلكّين جميعا، وجعلهم عظة لمن بعدهم.

وأصار الشوري لبني سندي من أهلها. وكان لعروس منهم بعد ذلك خلوص في الطاعة وانحياش إلى الدولة على حين تقلّص ظلّها وفشل ريحها، وألوى الهرم بشبابها.

وهو الّذي فتك بالمنتصر بن خزرون الزناتي بعد وصوله من المشرق واجتلابه على السلطان بقومه من مغراوة أغرى بالأثبج [٤] وبني عديّ وبني هلال، فمكر به


[١] وفي نسخة ثانية: تنوّمه.
[٢] وفي طبعة بولاق: الى الشمال.
[٣] وفي طبعة ثانية: خلف بن أبي حيدرة.
[٤] وفي طبعة ثانية: وأعراب الأثبج ...

<<  <  ج: ص:  >  >>