للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بولايتها، وكان من الغلظة ومراس الحروب بمكان. وكان مع ذلك غشوما جبارا وخرج إلى ولهاصة سنة [١] فاضطرّهم ونهضوا إلى مدافعته عن أموالهم فحاربهم. وبلغ خبر مهلكه إلى السلطان فعقد على بونة لابنه أبي العبّاس الفضل، وبعثه إليها. وولّى على حجابته وقيادة عسكره ظافر السنان من مواليه المعلوجين [٢] فقام بما دفع إليه من ذلك أحسن قيام إلى أن كان من أمرهم ما نذكره.

[(الخبر عن واقعة الرياس وما كان قبلها من مقتل الأمير أبي فارس أخي السلطان)]

كان السلطان أبو بكر لما قدم إلى تونس قدم معه إخوته الثلاثة محمد وعبد العزيز وعبد الرحمن، وهلك عبد الرحمن منهم وبقي الآخران. وكانا في ظلّ ظليل من النعمة، وحظ كبير من المساهمة في الجاه. وكان في نفس الأمير أبي فارس تشوّق إلى نيل الرتبة وتربّص بالدولة. وكان عبد الحق بن عثمان بن محمد بن عبد الحق من فحول بني مرين وأعياص ملكهم قدم على الحضرة نازعا إليها من الأندلس، فنزل على ابن عمر ببجاية قبيل مهلكه سنة ثمان عشر وسبعمائة ثم لحق بالسلطان فلقاه مبرّة ورحبا، ووفّر حظّه وحظ حاشيته من الجرايات والاقطاع، وجعل له أن يستركب ويستلحق، وكان يستظهر به في مواقف حروبه، ويتجمل في المشاهد بحركاته [٣] بما كان سيّدا في قومه. وكان قد انعقدت له بيعة على أهل وطنه، وكانت فيه غلظة وأنفة وإباء. وغدا في بعض أيامه على الحاجب بن سيّد الناس فتلقّاه الإذن بالعذر [٤] ، فذهب مغاضبا، ومرّ بدار الأمير أبي فارس فحمله على ذات صدره من الخروج والثورة، وخرجا من يومهما في ربيع سنة سبع وعشرين وسبعمائة ومرّا ببعض أحياء العرب فاعترضهما أمير الحيّ فعرض عليهما النزول، فأمّا عبد الحق فأبى وذهب لوجهه إلى أن لحق بتلمسان، وأمّا الأمير أبو فارس فأجاب ونزل، وطيّروا بالخبر إلى السلطان


[١] بياض بالأصل ولم نستطع تحديد هذه السنة في المراجع التي بين أيدينا.
[٢] كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة أخرى المعلوجي.
[٣] وفي نسخة أخرى: بمكانه من سريره.
[٤] وفي نسخة أخرى: الإذن بالغدر.

<<  <  ج: ص:  >  >>