استولى على عمل بني توجين، فانتظم بلاد المغرب الأوسط كلّها وبلاد زناتة الأولى.
ثم اشغل بفتنة بني مرين كما نذكر بعد إن شاء الله تعالى.
[(الخبر عن منازلة بجاية وما دعا إليها)]
قد ذكرنا أنّ المولى أبا زكريا الأوسط ابن المولى أبي إسحاق بن أبي حفص لحق بتلمسان عند فراره من بجاية أمام شيعة الدعي ابن أبي عمارة، ونزل على عثمان بن يغمراسن خير نزل. ثم هلك الدعي ابن أبي عمارة واستقل عمه الأمير أبو حفص بالخلافة، وبعث إليه عثمان بن يغمراسن بطاعته على العادة، وأوفد عليه وجوه قومه، ودسّ الكثير من أهل بجاية إلى الأمير أبي زكريا يستحثونه للقدوم، ويعدونه إسلام البلد إليه. وفاوض عثمان بن يغمراسن في ذلك فأبي عليه وفاء بحق البيعة لعمه الخليفة بالحضرة فطوى عنه الخبر وتردّد في النقض أياما. ثم لحق بأحياء زغبة في مجالاتهم بالقفر، ونزل على داود بن هلال بن عطاف وطلب عثمان بن يغمراسن إسلامه فأبى عليه وارتحل معه إلى أعمال بجاية، ونزلوا على أحياء الزواودة كما قدّمناه ثم استولى المولى أبو زكريا بعد ذلك على بجاية في خبر طويل ذكرناه في أخباره.
واستحكمت القطيعة بينه وبين عثمان، وكانت سببا لاستحكام الموالاة بين عثمان وبين الخليفة بتونس. فلما زحف إليه عثمان سنة ست وثمانين وستمائة وتوغّل في قاصية المشرق، أعمل الرحلة إلى عمل بجاية، ودوّخ سائر أقطارها. ثم نازلها بعد ذلك يروم كيدها بالاعتمال في مرضاة خليفته بتونس، ويسر بذلك حسوا في ارتقاء، فأناخ عليها بعساكره سبعا، ثم أفرج عنها منقلبا إلى المغرب الأوسط، فكان من فتح تافركنيت ومازونة ما قدّمناه.
[(الخبر عن معاودة الفتنة مع بني مرين وشأن تلمسان في الحصار الطويل)]
لما هلك يعقوب بن عبد الحق سلطان بني مرين على السلم المنعقد بينه وبين بني عبد الواد لشغله بالجهاد، وقام بالأمر من بعده في قومه ابنه يوسف كبير ولده على حين