للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما فعله توزون من سمل المتقي وبيعة المستكفي، فامتنع من حمل المال وهرب إليه غلمان توزون فاستخدمهم ونقض الشرط في ذلك. وخرج توزون والمستكفي قاصدين الموصل، وترددت الرسل بينهما في الصلح، فتم ذلك آخر سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة وعاد المستكفي وتوزون إلى بغداد فتوفي توزون إثر عوده، وولي الأمور بعده ابن شيرزاده [١] ، واستعمل على واسط قائدا، وعلى تكريت آخر. فأمّا الّذي على واسط فكاتب معز الدولة ابن بويه، واستقدمه فقدم بغداد واستولى على الدولة، فخلع المستكفي وبايع للمطيع، وأما الّذي على تكريت فسار إلى ناصر الدولة بن حمدان بالموصل وسار معه وولاه عليها من قبله.

[(الفتنة بين ابن حمدان وابن بويه)]

ولما خلع معز الدولة بن بويه المستكفي عند استيلائه على بغداد امتعض ناصر الدولة ابن حمدان لذلك وسار من الموصل إلى العراق. وبعث معز الدولة بن بويه قواده، فالتقى الجمعان بعكبرا، واقتتلوا وخرج معز الدولة مع المطيع إلى عكبرا وكان ابن شيرزاده ببغداد وأقام بها، ولحق بناصر الدولة بن حمدان. وجاء بعساكره إلى بغداد فنزلوا بالجانب الغربي، وناصر الدولة بالجانب الشرقي، ووقع الغلاء في معسكر معز الدولة، والخليفة لانقطاع الميرة. وبقي عسكر ابن حمدان في رخاء من العيش لاتصال الميرة من الموصل. واستعان ابن شيرزاده بالعامة والعمارين على حرب معز الدولة والديلم، وضاق الأمر بمعز الدولة حتى اعتزم على الرجوع إلى الأهواز. ثم أمر أصحابه بالعبور من قطر بال بأعلى دجلة، وتسابق أصحاب ناصر الدولة إلى مدافعتهم ومنعهم، وبقي في خف من الناس، فأجاز إليه شجعان الديلم من أقرب الأماكن فهزموه، وملك معز الدولة الجانب الشرقي، وأعاد المطيع إلى داره في محرم سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة. ورجع ناصر الدولة إلى عكبرا وأرسل في الصلح، فوقف الأتراك التورونية الذين معه على خبر رسالته فهموا بقتله، فأغذ السير إلى الموصل ومعه ابن شيرزاده وأحكم الصلح مع معز الدولة.


[١] شيرزاد: ابن الأثير ج ٨ ص ٤٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>