للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحامة في ملك قابس فأجابوه وساروا معه فبيّتها ودخلها وقبض على يحيى بن عبد الملك فضرب عنقه، وانقرض أمر بني مكي من قابس، وللَّه الأمر من قبل ومن بعد، وهو خير الوارثين.

[(الخبر عن بني ثابت رؤساء مدينة طرابلس واعمالها)]

قد تقدّم لنا شأن هذا البلد لأول الفتح الإسلامي، وأن عمرو بن العاص هو الّذي تولّى فتحه، وبقي بعد ذلك من جملة أعمال إفريقية، تنسحب عليه ولاية صاحبها، فلم يزل ثغرا لهذه الأعمال من لدن إمارة عقبة ومن بعده وفي دول الأغالبة. وكان المعزّ لدين الله من خلفاء الشيعة لمّا ارتحل إلى القاهرة، وعقد على إفريقية لبلكّين ابن زيري بن مناد أمير صنهاجة، عقد على طرابلس لعبد الله بن يخلف من رجالات كتامة. ثم لمّا ولي نزار الخلافة سنة سبع وستين وثلاثمائة طلب منه بلكّين أن يضيف عمل طرابلس إلى عمله فأجاب وعهد له بها، وولّى عليها بلكّين من رجالات صنهاجة. ثم عقد عليها الحاكم بعد مهلك المنصور بن بلكّين ليأنس الصقليّي سنة تسعين وثلاثمائة بمداخلة عاملها يمصول من صنهاجة، وأعانه على ذلك برجوان الصقليي المتغلّب على الدولة يومئذ لمنافسته ليأنس، فوصل إليها في ألف وخمسمائة فارس فملكها، فسرّح باديس جعفر بن حبيب لحربه في عسكر من صنهاجة، وتزاحفا يومين بساحة زنزور، ثم انفضّ عسكر يأنس في الثالث وقتل، ولحق فلّه بطرابلس فاعتصموا بها. ونازلهم جعفر بن حبيب القائد، وزحف فلفول بن سعيد ابن خزرون الثائر على باديس وابنه بإفريقية إلى قابس فحاصرها.

ثم قصد جعفر بن حبيب بمكانه من حصار طرابلس فأفرج عنها جعفر ولحق بنفوسة، وأميرهم يحيى بن محمد فامتنع عليهم، ثم لحق بالقيروان ومضى فلفول بن سعيد إلى طرابلس فخرج إليه فتوح بن علي ومن معه من أصحاب يأنس فملكوه، وقام فيها بدعوة الحاكم من خلفاء الشيعة وأوطنها. وعقد الحاكم عليها ليحيى بن علي بن حمدون أخي جعفر صاحب المسيلة النازع إليه من الأندلس فوصل إليها واستظهر بفلفول على بجاية، ونازل قابس فامتنعت عليه. ثم عجز عن الولاية ورأى استبداد

<<  <  ج: ص:  >  >>