[الخبر عن الإسماعيلية أهل الحصون بالعراق وفارس والشام وسائر أمورهم ومصايرها]
هذا المذهب هو مذهب القرامطة وهم غلاة الرافضة، وهو على ما رأيته من الاضطراب والاختلاف. ولم يزل متناقلا في أهله بأنحاء العراق وخراسان وفارس والشام.
واختلف بعضهم باختلاف الأعصار والأمصار، وكانوا يدعون أوّلا قرامطة. ثم قيل لهم بالعراق باطنيّة، ثم الإسماعيلية، ثم النزاريّة لما حدث من عهد المستضيء العلويّ لابنه نزار، وقتله شيعتهم بمصر، ولم يبايعوا له، وكان عنده ابن الصبّاح من هؤلاء الإسماعيلية، ونفى الإمامة بعده عن أئمتهم بمصر فسمّوا أصحابه لذلك نزاريّة. وكان هذا المذهب بعد موت ذكرويه وانحلال عقدتهم، بقي منبثّا في الأقطار ويتناوله أهله، ويدعون إليه ويكتمونه، ولذلك سمّوا الباطنيّة، وفشت أذيتهم بالأمصار بما كانوا يعتقدونه من استباحة الدماء، فكانوا يقاتلون الناس ويجتمع لذلك جموع منهم يكمنون في البيوت ويتوصّلون إلى مقاصدهم من ذلك. ثم عظمت أمورهم أيام السلطان ملك شاه عند ما استمر الملك للعجم من الديلم والسلجوقيّة وعقل الخلفاء وعجزوا عن النظر في تحصين إمامتهم، وكفّ الغوائل عنها، فانتشروا في هذه العصور وربما اجتمع منهم جماعة بساوة بانحاء همذان، فصلّوا صلاة العيد بأنحائهم فحبسهم الشحنة، ثم أطلقهم. ثم استولوا بعد ذلك على الحصون والقلاع فأوّل قلعة غلبوا عليها قلعة عند فارس كان صاحبها على مذهبهم، فأووا إليه واجتمعوا عنده، وصاروا يخطفون الناس من السابلة وعظم ضررهم بتلك النواحي. ثم استولوا على قلعة أصفهان واسمها شاه در، كان السلطان شاه بناها وأنزل بها عامله، فاتصل به أحمد بن غطاش، كان أبوه من مقدّمي الباطنيّة وعنه أخذ ابن الصبّاح وغيره منهم، وكان أحمد هذا عظيما فيهم لمكان أبيه ورسوخه في العلم بينهم، فعظّموه لذلك وتوّجوه وجمعوا له مالا وقدّموه عليهم، واتصل بصاحب القلعة فآثر مكانه وقلّده الأمور حتى إذا توفي استولى أحمد بن غطاش على قلعة شاه در، وأطلق أيدي أصحابه في نواحيها يخيفون السابلة من كل ناحية. ثم استولوا على قلعة الموت من نواحي قزوين وهي من بنيان الديلم، ومعنى هذا الاسم عندهم تميل العقاب،