للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمطيع فقاتلهم جعفر بن فلاح أياما ووالى عليهم الهزائم. وعاثت جيوش المغاربة في أهل دمشق فهرب ابن أبي يعلى ليلا من البلد وأصبحوا حيارى، وكانوا قد بعثوا الشريف الجعفري إلى جعفر في الصلح فأعاده إليهم بتسكين الناس والوعد الجميل، وأن يدخل البلد فيطوف فيه ويرجع إلى معسكره فدخل، وعاث المغاربة في البلد بالنهب فثار الناس بهم وحملوا عليهم، وقتلوا منهم وشرعوا في حفر الخنادق وتحصين البلد. ومشى الشريف أبو القاسم في الصلح بينهم وبين جعفر بن فلاح، فتم ذلك منتصف ذي الحجة من سنة تسع وخمسين، ودخل صاحب شرطة جعفر فسكن الناس وقبض على جماعة من الأحداث وقتل منهم وحبس. ثم قبض على الشريف أبي القاسم بن أبي يعلى في المحرّم من سنة ستين، وبعث به إلى مصر، واستقام ملك دمشق لجعفر بن فلاح، وكان خرج بإفريقية في سنة ثمان وخمسين أبو جعفر الزناتي واجتمعت إليه جموع من البربر والنكاريّة، وخرج إليه المعزّ بنفسه، وانتهى إلى باغاية وافترقت جموع أبي خزر [١] ، وسلك الأوعار فعاد المعزّ وأمر بلكين بن زيري بالمسير في طلبه فسار لذلك حتى انقطع عنه خبره، ثم جاء أبو جعفر مستأمنا سنة تسع وخمسين فقبله، وأجرى عليه الرزق، وعلى أثر ذلك وصلت كتب جوهر بإقامة دعوته بمصر والشام، وباستدعائه إليها فاشتدّ سرور المعز بذلك، وأظهره في الناس ونطق الشعراء بامتداحه. ثم زحف القرامطة إلى دمشق وعليهم ملكهم الأعصم.

ولقيهم جعفر بن فلاح فظفر بهم وقتلهم. ثم رجعوا إليه سنة إحدى وستين وبرز إليهم جعفر فهزموه وقتلوه، وملك الأعصم دمشق وسار إلى مصر وكاتب جوهر بذلك للمعزّ فاعتزم على الرحلة إليها.

(مسير المعز الى مصر ونزوله بالقاهرة)

ولما انتهت هذه الأخبار إلى المعزّ اعتزم على المسير إلى مصر، وبدأ بالنظر في تمهيد المغرب وقطع شواغله، وكان محمد بن الحسن بن خزر المغراوي مخالفا عليه بالمغرب الأوسط، وقد كثرت جموعه من زنانة والبربر، وكان جبّارا طاغيا فأهمّ المعزّ أمره وخشي على إفريقية عائلته، فأمر بلكين بن زيري بن مناد بغزوه فغزاه في بلاده،


[١] الصحيح أبي جعفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>