فيروز في العود من تدمر الى دمشق وقد كان هرب اليها كما قدّمناه وكان جماعة من الموالي منحرفين عنه بسبب ما تقدّم في مقتل سونج فنكروا ذلك فلاطفهم ابن فيروز واسترضاهم وحلف لهم انه لا يتولى شيئا من الأمور ولما دخل رجع الى حاله فوثبوا عليه وقتلوه وخيموا بظاهر دمشق واشتطوا في الطلب فلم يسعفوا بكلمة فلحقوا بشمس الدولة محمد بن تاج الملوك في بعلبكّ وبثوا السرايا الى دمشق فعاثت في نواحيها حتى أسعفهم شهاب الدين بكل ما طلبوه فرجعوا الى ظاهر دمشق وخرج لهم شهاب الدين وتحالفوا ودخلوا الى البلد وولىّ مرواش كبيرهم على العساكر وجعل اليه الحلّ والعقد في دولته والله أعلم.
[استيلاء عماد الدين زنكي على حمص وغيرها من أعمال دمشق]
ثم سار أتابك زنكي إلى حمص في شعبان سنة إحدى وثلاثين وقدم إليه حاجبه صلاح الدين الباغيسياني وهو أكبر أمرائه مخاطبا واليها معين الدين انز في تسليمها فلم يفعل وحاصرها فامتنعت عليه فرحل عنها آخر شوّال من السنة ثم سار سنة اثنتين وثلاثين إلى نواحي بعلبكّ فملك حصن المحولي على الأمان وهو لصاحب دمشق ثم سار إلى حمص وحاصرها وعاد ملك الروم إلى حلب فاستدعى الفرنج وملك كثيرا من الحصون مثل عين زربة وتل حمدون وحصر أنطاكية ثم رجع وأفرج أتابك زنكي خلال ذلك عن حمص ثم عاود منازلتها بعد مسير الروم وبعث إلى شهاب الدين صاحب دمشق يخطب إليه أمّه مرد خاتون ابنة جاولي طمعا في الاستيلاء على دمشق فزوّجها له ولم يظفر بما أمله من دمشق وسلموا له حمص وقلعتها وحملت إليه خاتون في رمضان من السنة والله أعلم.
[مقتل شهاب الدين محمود وولاية أخيه محمد]
لما قتل شهاب الدين محمود في شوّال سنة ثلاث وثلاثين اغتاله ثلاثة من مواليه في مضجعه بخلوته وهربوا فنجا واحد منهم وأصيب الآخران كتب معين الدين أنز إلى أخيه شمس الدين محمد بن بوري صاحب بعلبكّ بالخبر فسارع ودخل دمشق وتبعه الجند والأعيان وفوّض أمر دولته إلى معين الدين أنز مملوك جدّه وأقطعه بعلبكّ واستقامت أموره