للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحيى واستقرّ بالأندلس إلى أن هلك يحيى سنة اثنتين وتسعين وستمائة ووفد الزعيم بعد ذلك على يوسف بن يعقوب وسخطه لبعض النزعات، فاعتقله وفرّ من محبسه. ولم يزل الاغتراب مطوّحا به إلى أن هلك والبقاء للَّه وحده. ونشأ ابنه الناصر بالأندلس فكانت مثواه وموقف جهاده إلى أن هلك.

(وأمّا) أخوه عليّ بن يحيى فأقام بتلمسان وكان من ولده داود بن علي كبير مشيخة بني عبد الواد صاحب شوراهم وكان منهم أيضا إبراهيم بن عليّ عقد له أبو حمو الأوسط على ابنته، فكان منها ولد ذكر، وكان لداود ابن اسمه يحيى بن داود استعمله أبو سعيد بن عبد الرحمن في دولتهم الثانية على وزارته فكان من شأنه ما نذكره في أخبارهم والأمر للَّه.

[(الخبر عن شأن يغمراسن في معاقدته مع ابن الأحمر والطاغية على فتنة يعقوب بن عبد الحق والأخذ بحجزته)]

كان يعقوب بن عبد الحق لما أجاز إلى الجهاد وأوقع بالعدوّ وخرّب حصونهم، ونازل إشبيليّة وقرطبة، وزلزل قواعد كفرهم. ثم أجاز ثانية، وتوغّل في دار الحرب وأثخن فيها، وتخلى له ابن اشقيلولة عن مالقة فملكها. وكان سلطان الأندلس يومئذ الأمير محمد المدعو بالفقيه ثاني ملوك بني الأحمر ملكهم، هو الّذي استدعى يعقوب بن عبد الحق للجهاد بما عهد له أبو الشيخ بذلك. فلما استفحل أمر يعقوب بالأندلس وتعاقب الثوار إلى اللياذ به خشيه ابن الأحمر على نفسه، وتوقّع منه مثل فعل يوسف بن تاشفين بابن عبّاد، فاعتمل في أسباب الخلاص مما توهّم وداخل الطاغية في اتصال اليد والمظاهرة عليه، وكانت عالقة لعمر يحيى بن علي [١] ، استعمله عليها يعقوب بن عبد الحق حين ملكها من يد أشقيلولة، فاستماله ابن الأحمر وخاطبه مقارنة وعدا وأداله بشلوبانية من مالقة طعمة خالصة له فتخلى عن مالقة إليها.

وأرسل الطاغية أساطيله في البحر لمنع الزقاق من إجازة السلطان وعساكره، وراسلوا يغمراسن من وراء البحر في الأخذ بحجزة يعقوب وشنّ الغارات على ثغوره ليكون


[١] كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة أخرى: بن محلى.

<<  <  ج: ص:  >  >>