البحر سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة، ثم صعدوا من البحر في نهر اللكنهر، وانتهوا إلى مدينة بردعة من بلاد أذربيجان وبها المرزبان فخرج إليهم في نحو خمسة آلاف مقاتل من الديلم وغيرهم فهزمهم الروس، وقتلوا الديلم وتبعوهم إلى البلد فملكوه ونادوا بالأمان، وأحسنوا السيرة، وجاءت العساكر الإسلامية من كل ناحية فلم يقدروا عليهم. وظاهرهم العوامّ والرعاع، فلما انصرفت العساكر غدرت الروسية بهم فقتلوهم، ونهبوا أموالهم واستعبدوهم.
وأحزن المسلمين ذلك واستنفر المرزبان الناس وسار لهم وأكمن لهم كمينا، وزحف إليهم، وخرجوا إليه واستطرد لهم حتى جاوزوا موضع الكمين، فاستمرّ أصحابه على الهزيمة ورجع هو مع أخيه وصاحب له مستميتين، وخرج الكمين من ورائهم واستلحم الروسية وأميرهم، ونجا فلّهم إلى البلد فاعتصموا بحصنه، وكانوا قد نقلوا إليه السبي والأموال، وحاصرهم المرزبان وصابروه. ثم إن ناصر الدولة بن حمدان صاحب الموصل بعث إلى ابن عمّه الحسين بن سعد بن حمدان في هذه السنة إلى أذربيجان ليملكها، فبلغ الخبر إلى المرزبان بأنه انتهى إلى سلماس، فجهّز عسكرا إلى الروس وسار لقتال ابن حمدان، فقاتله أياما ثم استدعاه ابن عمّه ناصر الدولة من الموصل وأخبره بموت توزون وأنه سائر إلى بغداد، وأمره بالرجوع فرجع. وأمّا الروس فحاصرهم العسكر أياما واشتدّ فيهم الوباء فانقضوا من الحصن ليلا وحملوا ما قدروا عليه من الأموال ولحقوا باللكن [١] فركبوا سفنهم ومضوا إلى بلادهم، وطهر الله البلاد منهم.
(مسير المرزبان الى الري وهزيمته وحبسه)
ولما سارت عساكر خراسان إلى الريّ وظنّ المرزبان أنّ ذلك يشغل ركن الدولة بن بويه عنه، وكان قد بعث رسوله إلى معزّ الدولة ببغداد فصرفه مذموما مدحورا، فاعتزم على غزو الريّ، وطمع في ملكه واستأمن إليه بعض قوّاد الري وأغراه بذلك.
وراسله ناصر الدولة بن حمدان يستحثّه لذلك، ويشير عليه ببغداد قبل الريّ.