للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأسلموه حتى ضاق به الحصار وغدر به بعض الحامية فملك الإفرنج البلاد وهرب باغيسيان فقتل وحمل إليهم رأسه وكان ملوكهم الحاضرون لذلك خمسة بردويل وصنجيل وكبريري والقمص وإسمند وهو مقدم العساكر فردّوا إليه أمر أنطاكية وبلغ الخبر إلى المسلمين فسافروا إليهم شرقا وغربا وسار قوام الدولة كربوقا صاحب الموصل وجمع عساكر الشام وسار إلى دمشق فخرج إليهم دقاق بن تتش وطغتكين أتابك وجناح الدولة صاحب حمص وأرسلان [١] صاحب سنجار وسكمان أرتق وغيرهم من الأمراء وزحفوا إلى أنطاكية فحاصروها ثلاثة عشر يوما ووهن الإفرنج واشتدّ عليهم الحصار لما جاءهم على غير استعداد وطلبوا الخروج على الأمان فلم يسعفوا ثم اضطرب أمر عساكر المسلمين وأساء كربوقا السيرة فيهم وأزمعوا من استكثاره عليهم [٢] فخرج الإفرنج إليهم واستماتوا فتخاذل المسلمون وانهزموا من غير قتال حتى ظنها الإفرنج مكيدة فتقاعدوا عن إتباعهم واستشهد من المسلمين ألوف والله تعالى أعلم.

استيلاء الإفرنج على معرّة النعمان ثم على بيت المقدس

ولما حصلت الإفرنج هذه النكاية في المسلمين طمعوا في البلدا وساروا الى معرّة النعمان وحاصروها واشتدّ القتال في أسوارها حتى داخل أهلها الجزع فتحصنوا بالدور وتركوا السور فملكه الإفرنج ودخلوا عليهم فاستباحوها ثلاثا وأقاموا بها أربعين يوما ثم ساروا إلى غزة وحاصروها أربعة أشهر وامتنعت عليهم فصالحهم ابن منقذ عليها وساروا إلى حمص وحاصروها فصالحهم عليها جناح الدولة وساروا إلى عكا فامتنعت عليهم وكان بيت المقدس قد ملكه السلجوقية وصار لتاج الدولة تتش وأقطعه لسكمان بن أرتق من التركمان فلما كانت واقعة الإفرنج بأنطاكية طمع أهل مصر فيهم وسار الأفضل بن بدر الجمال المستولى على العلويين بمصر إلى بيت المقدس وبها سكمان وأبو الغازي ابنا أرتق وابن عمهما سوع وابن أخيهما ياقوتي فحاصروه نيفا وأربعين يوما ونصبوا عليه نيفا وأربعين منجنيقا وملكوه بالأمان سنة إحدى وتسعين وأربعمائة وأحسن الأفضل إلى سكمان وأبي الغازي وأصحابهما وسرحهم إلى دمشق وعبروا الفرات وأقام سكمان بالرها وسار أبو الغازي إلى العراق واستناب الأفضل عليها افتخار الدولة الّذي كان بدمشق فقصده الإفرنج بعد أن حاصروا عكا وامتنعت عليهم


[١] كذا بياض بالأصل واسمه أرسلان تاش.
[٢] كذا بياض بالأصل: عبارة مضطربة وفي الكامل: فاغضبهم ذلك وأضمروا له أنفسهم العذر إذا كان قتال.

<<  <  ج: ص:  >  >>