للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله لا أدعها. فقال انصرف يا نبطيّ. قال: أنبط الله وجهك فحقدها عليه سورة وأغرى به سعيد خدينة وقال: إنه أفسد خراسان على قتيبة ويثب عليك ويتحصّن ببعض القلاع فقال له سعيد: لا يسمع هذا منك أحد، ثم حاول عليه وسقاه لبنا قد ألقى فيه ذهبا مسحوقا. ثم ركض والناس معه أربعة فراسخ فعاش حيّان من بعدها ليالي قلائل ومات.

[ولاية ابن هبيرة على العراق وخراسان]

كان مسلمة لما ولي على هذه الأعمال لم يدفع من الخراج شيئا واستحيا يزيده من عزله فكتب إليه بالقدوم وأن يستخلف على عمله وسار لذلك سنة ثلاث وأربعمائة، فلقيه عمر بن هبيرة بالطريق على دواب البريد، وقال: وجّهني أمير المؤمنين لحيازة أموال بني المهلب فارتاب لذلك، وقال له بعض أصحابه: كيف يبعث ابن هبيرة من عند الجزيرة لمثل هذا الغرض؟ ثم أتاه أنّ ابن هبيرة عزل عمّاله. وكان عمر بن هبيرة من النجابة بمكان، وكان الحجّاج يبعثه في البعوث، وهو ممن سار لقتال مطرف بن المغيرة حين خلع ويقال إنه الّذي قتله، وجاء برأسه، فسيره الحجّاج إلى عبد الملك فاقطعه قرية قريبة من دمشق. ثم بعثه إلى كروم ابن مرثد الفزاري ليخلّص منه مالا فارتاب وأخذ المال ولحق بعبد الملك عائدا به من الحجّاج وقال قتلت ابن عمه ولست آمنه على نفسي، فأجاره عبد الملك، وكتب الحجّاج إليه فيه فقال: أمسك عنه وعظّم شأنه عبد الملك وبنوه واستعمله عمر بن عبد العزيز على الروم من ناحية أرمينية وأثخن فيهم وأسر سبعمائة منهم وقتلهم. واستخدم أيام يزيد لمحبوبته حبّابة [١] فسعت له في ولاية العراق، فولّاه يزيد مكان أخيه مسلمة. ولمّا ولي قدم عليه المجشر بن مزاحم السلميّ، وعبد الله بن عمر الليثي في وفد فشكوا من سعيد وحذيفة عاملهم وهو صهر مسلمة فعزله وولى مكانه على خراسان سعيد بن عمر الحريشيّ من بني الحريش بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، فسار خدينة عن خراسان وقدم سعيد فلم يعرض لعماله. ولما قدم على خراسان كان الناس بإزاء العدوّ وقد نكثوا، فحثّهم على الجهاد وخاف الصغد منه بما كانوا أعانوا الترك أيام خدينة، فقال لهم ملكهم: احملوا له خراج ما مضى واضمنوا خراج ما يأتي


[١] حبّابة هذه جارية أحبها يزيد حبّا تجاوز به الحد وضرب به المثل، أهـ. من خط الشيخ العطار.

<<  <  ج: ص:  >  >>