وبايع له الحسن بن عليّ بن أبي الطلاق صاحب بني مرين بمداخلة الوزير رحّو بن يعقوب كما قدّمناه في أخبارهم. وملكوا تازى، زحف إليهم السلطان أبو الربيع فبعثوا وفدهم إلى السلطان أبي حمو صريخا. ثم أعجلهم أبو الربيع وأجهضهم على تازى، فلحقوا بالسلطان أبي حمو ودعوه إلى المظاهرة على المغرب ليكونوا رداء له دون قومهم. وهلك السلطان أبو الربيع خلال ذلك واستقلّ بملك المغرب أبو سعيد عثمان بن يعقوب بن عبد الحق، فطالب السلطان أبا حمو بإسلام أولئك النازعين إليه، فأبى من إسلامهم وإخفار زمّته فيهم وأجازهم البحر إلى العدوة، فأغضى له السلطان أبو سعيد عنها، وعقد له السلم. ثم استراب يعيش بن يعقوب بن عبد الحق بمكانه عند أخيه السلطان أبي سعيد لما سعى فيه عنده، فنزع عنه إلى تلمسان وأجاره السلطان أبو حمو على أخيه فأحفظه ذلك، ونهض إلى تلمسان سنة أربع عشرة وسبعمائة وعقد لابنه الأمير أبي عليّ وبعثه في مقدّمته، وسار هو في الساقة. ودخل أعمال تلمسان على هذه التعبية فاكتسح بسائطها، ونازل وجدة فقاتلها وضيّق عليها.
ثم تخطّاها إلى تلمسان فنزل بساحتها وانحجر موسى بن عثمان من وراء أسوارها، وغلب على ضواحيها ورعاياها، وسار السلطان أبو سعيد في عساكره يتقرّى شعارها وبلادها بالحطم والانتساف والعيث. فلمّا أحيط به وثقلت وطأة السلطان عليه وحذر المغبة منه ألطف الحيلة في خطاب الوزراء الذين كان يسرّب أمواله فيهم ويخادعهم من نصائح سلطانهم حتى اقتضى مراجعتهم في جاره يعيش بن يعقوب وإدالته من أخته. ثم بعث خطوطهم بذلك إلى السلطان أبي سعيد فامتلاء قلبه منها خشية ورهبة، واستراب بالخاصّة والأولياء ونهض إلى المغرب على تعبيته. ثم كان خروج ابنه عمر عليه بعد مرجعه، وشغلوا عن تلمسان وأهلها برهة من الدهر حتى جاء أمر الله في ذلك عند وقته، والله تعالى أعلم.
[(الخبر عن مبدإ حصار بجاية وشرح الداعية اليه)]
لما رجع السلطان أبو سعيد إلى المغرب وشغل عن تلمسان، فزع أبو حمو لأهل