وأمرهما أن ينحدرا إلى العراق فانحدرا، ومات الأثير عنبر بالكحيل. ورجع قرواش وجمع جلال الدولة العساكر واستنجد أبا الشوك وغيره وسار إلى واسط، وضاقت عليه الأمور لقلّة المال.
وأشار عليه أصحابه بمخالفة أبي كليجار إلى الأهواز لأخذ أمواله، وأشار أصحاب أبي كليجار بمخالفة جلال الدولة إلى العراق. وبينما هم في ذلك جاءهم الخبر من أبي الشوك بمسير عساكر محمود بن سبكتكين إلى العراق. ويشير بإجماع الكلمة.
وبعث أبو كليجار بكتابه إلى جلال الدولة فلم يعرج عليه، وسار إلى الأهواز ونهبها وأخذ من دار الإمارة خاصة مائتي ألف دينار سوى أموال الناس، وأخذت والدة أبي كليجار وبناته وعياله وحملن إلى بغداد. وسار جلال الدولة لاعتراضه وتخلّف عنه دبيس بن مزيد خشية على أحيائه من خفاجة، والتقى أبو كليجار وجلال الدولة في ربيع سنة إحدى وعشرين وأربعمائة فاقتتلوا ثلاثا، ثم انهزم أبو كليجار وقتل من أصحابه نحو من ألفين ورجع إلى الأهواز. وأتاه العادل بن مافنّة بمال أنفقه في جنده، ورجع جلال الدولة إلى واسط واستولى عليها وأنزل ابنه العزيز بها ورجع.
(استيلاء محمود بن سبكتكين صاحب خراسان على بلاد الريّ والجيل وأصفهان)
كان مجد الدولة بن فخر الدولة متشاغلا بالنساء والعلم، وتدبير ملكه لأمّه. وتوفيت سنة تسع عشرة وأربعمائة فاختلفت أحواله، وطمع فيه جنده، فكتب إلى محمود بن سبكتكين يشكو إليه، فبعث إليه عسكرا مع حاجبه، وأمره بالقبض عليه، فركب مجد الدولة لتلقّيه فقبض عليه وعلى ابنه أبي دلف وطيّر بالخبر إلى محمود فجاء إلى الريّ ودخلها في ربيع الآخر سنة عشرين وأربعمائة، وأخذ منها مال مجد الدولة ألف ألف دينار، ومن الجواهر قيمة خمسمائة ألف دينار، وستة آلاف ثوب، ومن الحرير والآلات ما لا يحصى. وبعث بمجد الدولة إلى خراسان فاعتقل بها. ثم ملك قزوين وقلاعها ومدينة ساوة وآوة ويافت، وقبض على صاحبها ولكين وبعث به إلى خراسان، وقتل من الباطنية خلقا ونفي المعتزلة الى خراسان، وأحرق كتب الفلسفة