للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عقد طغرلبك على ابنه الخليفة]

كان السلطان طغرلبك قد خطب من القائم ابنته على يد أبي سعد قاضي الريّ سنة ثلاث وخمسين، فاستنكف من ذلك. ثم بعث أبا محمد التميمي في الاستعفاء من ذلك وإلّا فيشترط ثلاثمائة ألف دينار وواسط وأعمالها. فلما ذكر التميمي ذلك للوزير عميد الملك بنى الأمر على الإجابة قال: ولا يحسن الاستعفاء، ولا يليق بالخليفة طلب المال، وأخبر السلطان بذلك فسرّ به وأشاعه في الناس ولقّب وزيره عميد الملك وأتى أرسلان خاتون زوجة القائم ومعه مائة ألف ألف دينار وما يناسبها من الجواهر والجوار، وبعث معهم قرامرد بن كاكويه [١] وغيره من أمراء الريّ، فلمّا وصلوا إلى القائم استشاط وهمّ بالخروج من بغداد. وقال له العميد: ما جمع لك في الأوّل بين الامتناع والاقتراح وخرج مغضبا إلى النهروان فاستوقفه قاضي القضاة والشيخ أبو منصور بن يوسف. وكتب من الديوان إلى خمارتكين من أصحاب السلطان بالشكوى من عميد الملك وجاءه الجواب بالرفق. ولم يزل عميد الملك يريّض الخليفة وهو يتمنّع إلى أن رحل في جمادى من سنة أربع وخمسين. ورجع إلى السلطان وعرّفه بالحال، ونسب القضية إلى خمارتكين فتنكر له السلطان وهرب، واتّبعه أولاد ينال فقتلوه بثأر أبيهم، وجعل مكانه سارتكين [٢] وبعث للوزير بشأنه. وكتب السلطان إلى قاضي القضاة والشيخ أبي منصور بن يوسف بالعتب، وطلب بنت أخي زوجة القائم فأجاب الخليفة حينئذ إلى الإصهار، وفوّض إلى الوزير عميد الكندريّ عقد النكاح على ابنته للسلطان، وكتب بذلك إلى أبي الغنائم المجلبان فعقد عليها في شعبان من تلك السنة بظاهر تبريز. وحمل السلطان للخليفة أموالا كثيرة وجواهر لوليّ العهد وللمخطوبة، وأقطع ما كان بالعراق لزوجته خاتون المتوفاة للسيدة بنت الخليفة.

وتوجّه السلطان في المحرم سنة خمس وخمسين من أرمينية إلى بغداد ومعه من الأمراء أبو علي بن أبي كاليجار وسرخاب بن بدر وهزار وأبو منصور بن قرامرد بن كاكويه، وخرج الوزير ابن جهير فتلقّاه، وترك عسكره بالجانب الغربي، ونادى الناس بهم. وجاء الوزير ابن العميد لطلب المخطوبة فأفرد له القائم دورا لسكناه وسكنى


[١] فرامرز بن كاكويه: ابن الأثير ج ١٠ ص ٢١.
[٢] ساوتكين: ابن الأثير ج ١٠ ص ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>