للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسحاق بن محمد فبعث به إلى الحجّاج، وبعثه الحجّاج إلى عبد الملك وركب سفيان فأحاط بالخوارج وحاصرهم حتى أكلوا دوابهم، ثم خرجوا إليه واستماتوا فقتلهم أجمعين وبعث برءوسهم إلى الحجّاج ودخل دنباوند وطبرستان فكان هناك حتى عزله الحجّاج قبل دير الجماجم. قال بعض العلماء وانقرضت الأزارقة بعد قطريّ وعبيدة آخر رؤسائهم وأوّل رؤسائهم نافع بن الأزرق. واتصل أمرهم بضعا وعشرين سنة إلى أن افترقوا كما ذكرناه سنة سبع وسبعين فلم تظهر لهم جماعة، إلى رأس المائة.

[خروج سودب]

خرج سودب [١] هذا أيام عمر بن عبد العزيز على رأس المائة واسمه بسطام وهو من بني يشكر فخرج في مائتي رجل وسار في خوخى [٢] وعامل الكوفة يومئذ عبد الحميد ابن عبد الرحمن بن زيد بن الخطّاب. فكتب إليه عمر أن لا يعرض لهم حتى يقتلوا أو يفسدوا فيوجه إليهم الجند مع صليب حازم فبعث عبد الحميد بن جرير بن عبد الله البجليّ في ألفين فأقام بإزائه لا يحرّكه. وكتب عمر إلى سودب: بلغني أنك خرجت غضبا للَّه ولرسوله، وكنت أولى بذلك مني، فهلمّ إليّ أناظرك فإن كان الحق معنا دخلت مع الناس، وإن كان الحق معك نظرنا في أمرك. فبعث إليه عاصما الحبشيّ مولى بني شيبان ورجلا من بني يشكر فقدما عليه بخاصر [٣] فسألهما ما أخرجكم وما الّذي نقمتم؟ فقال عاصم ما نقمنا سيرتك إنك لتتحرى العدل والإحسان فأخبرنا عن قيامك بهذا الأمر مشورة من الناس أم غلبت عليه؟ قال عمر: ما سألته ولا غلبت عليه وعهد إليّ رجل قبلي فقمت ولم ينكر أحد، ومذهبكم الرضا لكل من عدل، وإن أنا خالفت الحق فلا طاعة لي عليكم. قالا: فقد خالفت أعمال أهل بيتك وسمّيتها مظالم فتبرّأ منهم والعنهم فقال عمر: أنتم تريدون الآخرة وقد أخطأتم طريقها، وإنّ الله لم يشرع اللعن. وقد قال إبراهيم: ومن عصاني فإنك غفور رحيم وقال: أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده وبقي تسمية أعمالهم مظالم ذما، ولو كان لعن أهل الذنوب فريضة لوجب عليكم لعن فرعون، أنتم لا تلعنونه وهو أخبث


[١] شوذب: ابن الأثير ج ٥ ص ٤٥.
[٢] جوخى: ابن الأثير ج ٥ ص ٤٥ وقد مرّ ذكرها من قبل.
[٣] خناصرة: ابن الأثير ج ٥ ص ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>