للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلق، فكيف ألعن أنا أهل بيتي وهم مصلّون صائمون ولم يكفروا بظلمهم! لأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم دعا إلى الإيمان والشريعة، فمن عمل بها قبل منه، ومن أحدث حدثا فرض عليه الحدّ. فقالا: فإنّ النبي صلى الله عليه وسلم دعا إلى التوحيد والإقرار بما نزل عليه. فقال عمر: وليس أحد ينكر ما نزل عليه ولا يقول لا أعمل بسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن القوم أسرفوا على أنفسهم. قال عاصم: فابرأ منهم وردّ أحكامهم. قال عمر: أتعلمان أنّ أبا بكر سبى أهل الردّة وأنّ عمر ردّها بالفدية ولم يبرأ من أبي بكر وأنتم لا تبرءون من واحد منهما. قال:

فأهل النهروان خرج أهل الكوفة منهم فلم يقتتلوا ولا استعرضوا وخرج أهل البصرة فقتلوا عبد الله بن حبّاب وجارية حاملا، ولم يتبرّأ من لم يقتل ممن قتل واستعرض، ولا أنتم تتبرّءون من واحد منهما. وكيف ينفعكم ذلك مع علمكم باختلاف أعمالكم؟

ولا يسعني أنا البراءة من أهل بيتي والدين واحد فاتقوا الله ولا تقبلوا المردود وتردّوا المقبول، وقد أمّن رسول الله صلى الله عليه وسلم من شهد شهادة الإسلام وعصم ماله ودمه، وأنتم تقتلونه ويأمن عندكم سائر الأديان وتحرّمون دماءهم وأموالهم فقال اليشكريّ من استأمن على قوم وأموالهم فعدل فيها ثم صيّرها بعده إلى رجل غير مأمون أتراه أدّى الحق الّذي لزمه؟ فكيف تسلم هذا الأمر بعدك إلى يزيد مع علمك أنه لا يعدل فيه؟ فقال: إنما ولّاه غيري والمسلمون أولى بذلك بعدي. قال: فهو حق ممن فعله وولّاه، قال أنظراني ثلاثا ثم جاءه عاصم فرجع عن رأي الخوارج وقال له اليشكري: أعرض عليهم ما قلت واسمع حجّتهم. وأقام عاصم عند عمرو وأمر له بالعطاء وتوفي عمر لأيام قلائل ومحمد بن جرير ينتظر عود الرسل. ولما مات عمر كتب عبد الحميد إلى محمد بن جرير بمناجزة سودب قبل أن يصل إليهم خبر عمر، فقالت الخوارج ما خالف هؤلاء ميعادهم إلّا وقد مات الرجل الصالح. واقتتلوا فانهزم محمد بن جرير واتبعه الخوارج إلى الكوفة، ورجعوا وقدم على سودب صاحباه وأخبراه بموت عمر، وسرّح يزيد تميم بن الحباب في ألفين فهزمه أصحابه، ثم بعث إليهم الشجاع بن وداع [١] في ألفين فقتلوه وهزموه بعد أن قتل منهم هدبة ابن عم سودب وبقي الخوارج بمكانهم. وجاء مسلمة إلى الكوفة فأرسل سعيد بن عمرو


[١] السمّاج بن وداع: ابن الأثير ج ٥ ص ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>