كيغلغ من القوّاد واستولى على الريّ وبعث المكتفي مولاه خاقان المفلحيّ لولاية الريّ في جيش كثيف فلم يصلها، وبعث المكتفي إلى إسماعيل بولايته ومحاربة محمد بن هارون فسار إسماعيل إليه وهزمه، فخرج عن الريّ إلى قزوين وزنجان. ثم لحق بطبرستان واستقرّ مع ابنه مستجيزا، ولما ملك إسماعيل الريّ ولّى على جرجان مولاه نارس الكبير [١] ، والزمه إحضار محمد بن هارون فكاتبه نارس وضمن له صلاح الحال، فقبل وانصرف عن الديلم إلى بخارى، فبعث إسماعيل من اعترضه وحمل إلى بخارى مقيّدا فمات في الحبس بعد شهر وذلك في شعبان سنة تسعين.
[استيلاء المكتفي على مصر وانقراض دولة ابن طولون]
كان محمد بن سليمان من قوّاد بني طولون وكاتب جيشهم واستوحش منهم، فلحق بالمعتضد وصرفوه في الخدم، وكانت القرامطة عاثوا في بلاد الشام وحاصروا عامل بني طولون بدمشق وهو طغج بن جفّ، وقتلوا قوّاده. وسار المكتفي إليهم فنزل الرقّة وبعث محمد بن سليمان لحربهم ومعه الحسن بن حمدان والعساكر وبنو شيبان، فلقيهم قرب حماة فهزمهم واتبعهم إلى الكوفة، وقبض في طريقه على أميرهم صاحب الشامة فبعث به إلى المكتفي، فرجع إلى بغداد وخلّف محمد بن سليمان في العساكر فتبعهم وأسر جماعة منهم. وبينما هو يروم العود إلى بغداد جاءه كتاب بدر الحماميّ مولى هارون بن خمارويه ومحمد فائق صاحب دمشق يستقدمانه إلى البلاد لعجز هارون عنها، فأنهى ذلك محمد بن سليمان عند عوده إلى المكتفي فأعاده وأمدّه بالجنود والأموال، وبعث دميانة غلام بازيار في الأسطول ليدخل من فوهة النيل ويحاصر مصر، ولما وصل ودنا من مصر كاتب القوّاد، وخرج إليه رئيسهم بدر الحماميّ وتتابع منهم جماعة، وبرز هارون لقتاله فحاربه أياما. ثم وقعت بعض الأيام في عسكره هيعة ركب لها ليسكنها فأصابته حربة مات منها، واجتمع أصحابه على عمّه شيبان وبذل الأموال فقاتلوا معه. ثم جاءهم كتاب محمد بن سليمان بالأمان فأجابوه، وخالف شيبان إلى مصر فاستولى عليها واستأمن إليه شيبان سرّا فأمّنه ولحق به. ثم قبض على بني طولون وحبسهم واستصفى أموالهم وذلك في صفر سنة اثنتين وتسعين، وأمره المكتفي بإزالة آل طولون وأشياعهم من مصر والشام ففعل.