أيام، وخرج من غزنة في ربيع سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة يريد الهند للمشتى به على عادة أبيه، ويستنفر الهنود لقتال السلجوقية. واستصحب أخاه محمدا المسمول معه.
وكان أهل الدولة قد ضجروا منه فتفاوضوا في خلعه وولاية أخيه محمد، وأجمعوا ذلك. فلما عبروا نهر سيحون وتقدّم بعض الخزائن فتخلّف أنوش تكين البلخيّ في جماعة من الغلمان الفداوية، ونهبوا بقية الخزائن، وبايعوا لمحمد المسمول وذلك في منتصف ربيع الآخر من السنة. وافترق العسكر واقتتلوا وعظم الخطب وانهزم السلطان مسعود، وحاصروه في رباط هناك. ثم استنزلوه على الأمان وخيّره أخوه محمد في السكنى فاختار مسعود قلعة كيدي فبعث إليها، وأمر بإكرامه، ورجع محمد بالعساكر إلى غزنة. وفوّض إلى ابنه أحمد أمر دولته وكان أهوج فاعتزم على قتل عمّه مسعود، وداخل في ذلك عمّه يوسف، وعلي خشاوند فوافقوه عليه، وحرّضوه فطلب من أبيه خاتمه ليختّم به بعض خزائنهم، وبعث به إلى القلعة مع بعض خدمه ليؤدّي رسالة مسعود، وهو بخراسان يعتذر بأن أولاد أحمد نيال تكين قتلوا السلطان مسعود قصاصا بأبيهم، فكتب إليه يتوعّده. ثم طمع الجند في السلطان محمد ومدّو أيديهم إلى الرعايا ونهبوها، وخربت البلاد وارتحل عنها محمد. وكان السلطان مسعود شجاعا كريما غزير الفضل حسن الخط، سخيّا محبا للعلماء مقرّبا لهم محسنا إليهم وإلى غيرهم من ذوي الحاجات، كثير الصلات والعطاء والجوائز للشعراء، حليت تصانيف العلوم باسمه، وكثرت المساجد في البلاد بعمارته. وكان ملكه فسيحا، ملك أصفهان وهمذان والريّ وطبرستان وجرجان وخراسان وخوارزم وبلاد الدارون وكرمان وسجستان والسند والرخّج وغزنة وبلاد الغور، وأطاعه أهل البرّ والبحر وقد صنّف في أخباره ومناقبه.
[(مقتل السلطان محمد وولاية مودود ابن أخيه مسعود)]
لما بلغ الخبر بمقتل السلطان مسعود إلى ابنه مودود بخراسان سار مجدّا في عساكره إلى غزنة فلقيه عمّه محمد في شعبان سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة وانهزم محمد وقبض عليه وعلى أبيه أحمد وعبد الرحمن، وعلى أنوش تكين البلخيّ الخصيّ، وعلى علي