وغيرهم وساروا الى انطاكية فنازلوها واستوحش الأمراء من كربوقا وأنفوا من ترفعه عليهم وضاق الحصار بالافرنج لعدم الأقوات لأنّ المسلمين عاجلوهم عن الاستعداد فاستأمنوا كربوقا فمنعهم الأمان وكان معهم من الملوك بردويل وصخبل وكمدمري والقمط صاحب الرها وسمند [١] صاحب انطاكية وهو مقدم العساكر فخرجوا مستأمنين وضربوا مصافّ وتخاذل الناس لما كان في قلوبهم من الاضغان لكربوقا فتمت الهزيمة عليهم وآخر من انهزم سقمان بن أرتق واستشهد منهم العرب وغنم العدوّ سوادهم بما فيه وساروا الى معرة النعمان فملكوها وأفحشوا في استباحتها ثم ساروا الى غزة فحاصروها أربعة أشهر وامتنعت عليهم وصالحهم ابن منقذ على بلده شيراز وحاصروا حمص فصالحهم صاحبها جناح الدولة ثم ساروا الى عكا فامتنعت عليهم وكان هذا بداية الافرنج بسواحل الشام ويقال انّ المصريين استنابوا رجلا يعرف بافتخار الدولة من خلفاء العميد بن نصر لما خشوا من السلجوقية عند استيلائهم على الشام الى غزة وزحف الاقسيس من أمرائهم الى مصر وحاصرها فراسلوا الى الافرنج واستدعوهم لملك الشام لينشلوهم عن أنفسهم ويحولوا بينهم وبين مصر والله سبحانه وتعالى أعلم.
[انتقاض الأمير انز وقتله]
لما سار السلطان بركيارق الى خراسان ولى على بلاد فارس الأمير انز وكانت قد تغلبت الشوانكار واستظهروا بإيران شاه بن قاروت بك صاحب كرمان فلما سار اليهم انز قاتلوه فهزموه ورجع الى أصبهان فاستأذن السلطان فأمره بالمقام هناك وولاه امارة العراق وكانت العساكر في جواره بطاعته وجاءه مؤيد الملك بن نظام الملك من بغداد على الحلة فأغراه بالخلاف وخوّفه غائلة بركيارق وأشار عليه بمكاتبة محمد بن ملك شاه وهو في كنجه وشاع عنه ذلك فازداد خوفه وجمع العساكر وسار من أصبهان الى الريّ وجاهر السلطان بالخلاف وطلب منه أن يسلم اليه فخر الملك البارسلان وبينما هو في ذلك إذ هجم عليه ثلاثة نفر من الأتراك المولدين بخوارزم من جنده فطعنوه فقتلوه واهتاج عسكره فنهبوا خزائنه وحمل شلوه الى أصبهان فدفن بها وأشهر خبر قتله الى السلطان في أحواز الريّ وهو سائر لقتاله فسرّ بذلك هو وفخر الملك البارسلان وذلك في سنة ثنتين وتسعين وكان محمود المذاهب كبير المناقب ولما
[١] كذا بالأصل وفي الكامل ج ١٠ ص ٢٧٦ وكان معهم من الملوك بردويل. صنجيل وكندفري والقمّص صاحب الرها وبيمنت صاحب انطاكية وهو القدم عليهم.