والولد الّذين تكون الاستماتة دونهم فيحتاج في ذلك إلى تحفّظ آخر والله القويّ العزيز.
[المقصورة للصلاة والدعاء في الخطبة]
وهما من الأمور الخلافيّة ومن شارات الملك الإسلاميّ ولم يعرف في غير دول الإسلام. فأمّا البيت المقصورة من المسجد لصلاة السّلطان فيتّخذ سياجا على المحراب فيحوزه وما يليه فأوّل من اتّخذها معاويّة بن أبي سفيان حين طعنه الخارجيّ والقصّة معروفة وقيل أوّل من اتّخذها مروان بن الحكم حين طعنه اليمانيّ ثمّ اتّخذها الخلفاء من بعدهما وصارت سنّة في تمييز السّلطان عن النّاس في الصّلاة وهي إنّما تحدث عند حصول التّرف في الدّول والاستفحال شأن أحوال الأبّهة كلّها وما زال الشّأن ذلك في الدّول الإسلاميّة كلّها وعند افتراق الدّولة العبّاسيّة وتعدّد الدّول بالمشرق وكذا بالأندلس عند انقراض الدّولة الأمويّة وتعدّد ملوك الطّوائف وأمّا المغرب فكان بنو الأغلب يتّخذونها بالقيروان ثمّ الخلفاء العبيديّون ثمّ ولاتهم على المغرب من صنهاجة بنو باديس بفاس وبنو حماد بالقلعة ثمّ ملك الموحّدين سائر المغرب والأندلس ومحوا ذلك الرّسم على طريقة البداوة الّتي كانت شعارهم ولمّا استفحلت الدّولة وأخذت بحظّها من التّرف وجاء أبو يعقوب المنصور ثالث ملوكهم فاتّخذ هذه المقصورة وبقيت من بعده سنّة لملوك المغرب والأندلس وهكذا كان الشّأن في سائر الدّول سنّة الله في عباده.
وأمّا الدّعاء على المنابر في الخطبة فكان الشّأن أوّلا عند الخلفاء ولاية الصّلاة بأنفسهم فكانوا يدعون لذلك بعد الصّلاة على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم والرّضى عن أصحابه وأوّل من اتّخذ المنبر عمرو بن العاص لمّا بنى جامعه بمصر وأوّل من دعا للخليفة على المنبر ابن عبّاس دعا لعليّ رضي الله عنهما في خطبته وهو بالبصرة عامل له عليها فقال اللَّهمّ انصر عليّا على الحقّ واتّصل العمل على ذلك فيما بعد وبعد أخذ