عمرو بن العاص المنبر بلغ عمر بن الخطّاب ذلك فكتب إليه عمر بن الخطّاب أمّا بعد فقد بلغني أنّك اتّخذت منبرا ترقى به على رقاب المسلمين أو ما يكفيك أن تكون قائما والمسلمون تحت عقبيك فعزمت عليك إلّا ما كسرته فلمّا حدثت الأبّهة وحدث في الخلفاء المانع من الخطبة والصّلاة استنابوا فيهما فكان الخطيب يشيد بذكر الخليفة على المنبر تنويها باسمه ودعاء له بما جعل الله مصلحة العالم فيه ولأنّ تلك السّاعة مظنّة للإجابة ولما ثبت عن السّلف في قولهم من كانت له دعوة صالحة فليضعها في السّلطان وكان الخليفة يفرد بذلك فلمّا جاء الحجر والاستبداد صار المتغلّبون على الدّول كثيرا ما يشاركون الخليفة في ذلك ويشاد باسمهم عقب اسمه وذهب ذلك بذهاب تلك الدّول وصار الأمر إلى اختصاص السّلطان بالدّعاء له على المنبر دون من سواه وحظر أن يشاركه فيه أحد أو يسمو إليه وكثيرا ما يغفل المعاهدون من أهل الدّول هذا الرّسم عند ما تكون الدّولة في أسلوب الغضاضة ومناحي البداوة في التّغافل والخشونة ويقنعون بالدّعاء على الإبهام والإجمال لمن ولي أمور المسلمين ويسمّون مثل هذه الخطبة إذا كانت على هذا المنحى عبّاسيّة يعنون بذلك أنّ الدّعاء على الإجمال إنّما يتناول العبّاسيّ تقليدا في ذلك لما سلف من الأمر ولا يحفلون بما وراء ذلك من تعيينه والتّصريح باسمه يحكى أنّ يغمراسن بن زيّان عاهد دولة بني عبد الوادّ لمّا غلبه الأمير أبو زكريّا يحيى بن أبي حفص على تلمسان ثمّ بدا له في إعادة الأمر إليه على شروط شرطها كان فيها ذكر اسمه على منابر عمله فقال يغمراسن تلك أعوادهم يذكرون عليها من شاءوا وكذلك يعقوب بن عبد الحقّ عاهد دولة بني مرين حضره رسول المنتصر الخليفة بتونس من بني أبي حفص وثالث ملوكهم وتخلّف بعض أيّامه عن شهود الجمعة فقيل له لم يحضر هذا الرّسول كراهية لخلوّ الخطبة من ذكر سلطانه فأذن في الدّعاء له وكان ذلك سببا لأخذهم بدعوته وهكذا شأن الدّول في بدايتها وتمكّنها في الغضاضة والبداوة فإذا انتبهت عيون سياستهم