كان السلطان محمد قد تنكر لطغركين صاحب دمشق لاتهامه إياه بقتل مودود فعصى وأظهر الخلاف وتابعه أبو الغازي صاحب ماردين لما كان بينه وبين البرسقي فاهتمّ السلطان شأنهما وشأن الافرنج وقوّتهم وجهز العساكر مع الأمير برسق صاحب همذان وبعث معه الأمير حيوس بك والأمير كسقري وعساكر الموصل والجزيرة وأمرهم بغزو الافرنج بعد الفراغ من شأن أبي الغازي وطغركين فساروا في رمضان سنة ثمان وعبروا الفرات عند الرميلة وجاءوا الى حلب وبها لؤلؤ الخادم بعد رضوان ومقدم العساكر شمس الخواص وعرضوا عليهما كتب السلطان بتسليم البلد فدافعا بالجواب واستنجدا أبا الغازي وطغركين فوصلا اليهما في ألفي فارس وامتعا بها على العسكر فسار الأمير برسق الى حماة من أعمال طغركين فملكها عنوة ونهبها ثلاثا وسلمها للأمير قرجان صاحب حمص بأمر السلطان بذلك في كل بلد يفتحونه فنفس عليه الأمراء ذلك وفسدت ضمائرهم وكان أبو الغازي وطغركين وشمس الخواص قد ساروا الى انطاكية مستنجدين بصاحبها روميل على مدافعتهم عن حماة فبلغهم فتحها ووصل اليهم بأنطاكية بقدوين ملك القدس وطرابلس وغيره من شياطين الافرنج واجتمعوا على افامية واتفقوا على مطاولة المسلمين الى فصل الشتاء ليتفرّقوا فلما أظلّ الشتاء والمسلمون مقيمون عاد أبو الغازي الى ماردين وطغركين الى دمشق والافرنج الى بلادهم وقصد المسلمون كفرطاب وكانت هي وافامية للافرنج فملكوها عنوة وفتكوا بالافرنج فيها وأسروا صاحبها ثم ساروا الى قلعة افامية فاستعصت عليهم فعادوا الى المعرة وهي للافرنج وفارقهم الأمير حيوس بك الى وادي مراغة فملكه وسارت العساكر من المعرّة الى حلب وأثقالهم ودوابهم وهم متلاصقون فوصلت مقدمتهم الى الشام وخربوا الابنية وكان روميل صاحب انطاكية قد سار في خمسمائة فارس وألفي راجل للمدافعة عن كفر طاب وأظلّ على خيام المسلمين قبل وصولهم فقتل من وجد بها من السوقة والغلمان وأقام الافرنج بين الخيام يقتلون كل من لحق بها حتى وصل الأمير برسق وأخوه زنكي فصعدا ربوة هناك وأحاط الفلّ من المسلمين به وعزم برسق على الاستماتة ثم غلبه اخوه زنكي على النجاة فنجا فيمن معه واتبعهم الافرنج فرسخا ورجعوا عنه وافترقت العساكر الإسلامية منهزمة الى بلادها وأشفق أهل حلب وغيرها من بلاد الشام من الافرنج بعد هذه الواقعة وسار الافرنج الى رميلة من أعمال دمشق فملكوها وبالغوا في تحصينها واعتزم طغركين على تخريب بلاد الافرنج ثم بلغه الخبر عن خلو رميلة من