للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخبر عن فتح سجلماسة الثاني ودخولها عنوة على بني عبد الواد والمنبات من عرب المعقل]

قد ذكرنا ما كان من تغلّب الأمير أبي يحيى بن عبد الحق على سجلماسة وبلاد درعة، وأنه عقد عليها وعلى سائر بلاد القبلة ليوسف بن يزكاسن، وأنزل معه ابنه مفتاحا المكنّى بأبي حديد في مشيخته لحياطتها. وأنّ المرتضى سرّح وزيره ابن عطوش سنة أربع وخمسين وستمائة في العساكر لارتجاعها، فنهض الأمير أبو يحيى إليه وشرّده عنها ورجعه على عقبه. وأن يغمراسن بن زيّان من بعد واقعة أبي سليط سنة خمس وخمسين وستمائة، قصدها لعورة دلّ عليها، وغرّة أمل إصابتها، فسابقه إليها الأمير أبو يحيى ومالقة من دونها ورجع عنها خائب المسعى مفلول الحامية. وكان الأمير أبو يحيى من بعد أن عقد عليها ليوسف بن يزكاسن عقد عليها من بعده لسنة ونصف من ولايته ليحيى بن أبي منديل كبير بني عسكرا قتالهم، ومقاسميهم نسب محمد بن وطيص [١] ثم عقد عليها لشهرين لمحمد بن عمران ابن عبلة من بني يرنيان صنائع دولتهم. واستعمل معه على الجباية أبا طالب الحبشي [٢] وجعل مسلحة الجند بها لنظر أبي يحيى القطراني، وملّكه قيادتهم. وأقاموا على ذلك سنتين اثنتين.

ولما هلك الأمير أبو يحيى وشغل السلطان أبو يوسف بحرب يغمراسن ومنازلة مراكش، سما للقطراني أمل في الاستبداد بها، وداخل في ذلك بعض أهل الفتن وظاهره يوسف بن الغزي [٣] وفتكوا بعمّار الورند غزاني شيخ الجماعة بالبلد. وائتمروا بمحمد بن عمران بن عبلة، فخرج ولحق بالسلطان، واستبدّ القطراني بها. ثم ثار به أهل البلد سنة ثمان وخمسين وستمائة لسنة ونصف من لدن استبداده وقتلوه.

وصرفوا بيعتهم إلى الخليفة المرتضى بمراكش. وتولّى كبر ذلك القاضي ابن حجّاج وعليّ بن عمر، فعقد له المرتضى عليها وأقام بها أميرا. ونازلتهم عساكر بني مرين والسلطان أبو يوسف سنة ستين وستمائة ونصب عليها آلات الحصار فأحرقوها وامتنعوا،


[١] وفي نسخة ثانية: ورصيص.
[٢] وفي نسخة ثانية: أبا طالب بن الحبسي.
[٣] وفي نسخة أخرى: يوسف بن فرج العزفي.

<<  <  ج: ص:  >  >>