للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد صار الملك يندرج تحت الخلافة إذا كان إسلاميّا ويكون من توابعها وقد ينفرد إذا كان في غير الملّة وله على كلّ حال مراتب خادمة ووظائف تابعة تتعيّن خططا وتتوزّع على رجال الدّولة وظائف فيقوم كلّ واحد بوظيفته حسبما يعيّنه الملك الّذي تكون يده عالية عليهم فيتمّ بذلك أمره ويحسن قيامه بسلطانه وأمّا المنصب الخلافيّ وإن كان الملك يندرج تحته بهذا الاعتبار الّذي ذكرناه فتصرّفه الدّيني يختصّ بخطط ومراتب لا تعرف إلّا للخلفاء الإسلاميّين فلنذكر الآن الخطط الدّينيّة المختصّة بالخلافة ونرجع إلى الخطط الملوكيّة السّلطانيّة.

فاعلم أنّ الخطط الدّينيّة الشّرعيّة من الصّلاة والفتيا والقضاء والجهاد والحسبة كلّها مندرجة تحت الإمامة الكبرى الّتي هي الخلافة فكأنّها الإمام الكبير والأصل الجامع وهذه كلّها متفرّعة عنها وداخلة فيها لعموم نظر الخلافة وتصرّفها في سائر أحوال الملّة الدّينيّة والدّنيويّة وتنفيذ أحكام الشّرع فيها على العموم.

فأمّا إمامة الصّلاة

فهي أرفع هذه الخطط كلّها وأرفع من الملك بخصوصه المندرج معها تحت الخلافة. ولقد يشهد لذلك استدلال الصّحابة في شأن أبي بكر رضي الله عنه باستخلافه في الصّلاة على استخلافه في السّياسة في قولهم ارتضاه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لديننا أفلا نرضاه لدنيانا؟ فلولا أنّ الصّلاة أرفع من السّياسة لما صحّ القياس وإذا ثبت ذلك فاعلم أنّ المساجد في المدينة صنفان: مساجد عظيمة كثيرة الغاشية [١] معدّة للصّلوات المشهودة. وأخرى دونها مختصّة بقوم أو محلّة وليست للصّلوات العامّة فأمّا المساجد العظيمة فأمرها راجع إلى الخليفة أو من يفوّض إليه من سلطان أو من وزير أو قاض فينصب لها الإمام في الصّلوات الخمس والجمعة والعيدين والخسوفين والاستسقاء وتعيّن ذلك إنّما هو من طريق الأولى


[١] الذين يزورونها للصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>