للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مدخلي إلى تلمسان فأحضرني وسألني، وتبين كذب الواشي فأطلقني وخلع عليّ وحملني. ولما ارتحل الوزير في اتباع أبي حمّو استدعاني وأمرني بالنهوض إلى رياح والقيام فيهم بدعوته وطاعته، وصرفهم عن طاعة أبي حمّو وصريخه، فنهضت لذلك، ولحقت بالوزير بالبطحاء، وارتحلت معه إلى وادي ورك من بلاد العطاف، فودّعته وذهبت لوجهي وجمعت رياح على طاعة السلطان ونكبت بهم عن طاعة أبي حمّو فنكبوا عنها. وخرج أبو زيان من محل نزوله بحصين، فلحق بأولاد محمد ابن علي بن سبّاع من الزواودة. وارتحل أبو حمّو من المسيلة فنزل بالدوسن وتلوّم بها.

وأوفدت من الزواودة على الوزير ونزمار فكانوا أدلّاءهم في النهوض إليه. ووافوه بمكانه من الدوسن في معسكره من زناتة وحلل بني عامر، والوزير في التعبية، وأمم زناتة والعرب من المعقل وزغبة ورياح مخيفة [١] به. فأجهضوه عن ماله ومعسكره، فانتهب بأسره. واكتسحت أموال العرب الذين معه، ونجا بدمائه إلى مصاب.

وتلاحق به ولده وقومه متفرّقين على كل مفازة، وتلوّم الوزير بالدوسن أياما. ووافاه بذلك لحاق بني مرين [٢] وانقلب إلى المغرب. ومرّ على قصور بني عامر بالصحراء فاستباحها، وشرّدهم عنها إلى قاصية القفر ومفازة العطش. ولحق بتلمسان في ربيع الثاني.

ووفدت أنا بالزواودة على السلطان ورئيسهم أبو دينار بن علي بن أحمد، فبرّ السلطان مقدمه ورعى له سوابقه عند أخيه [٣] ، وخلع عليه وحمله وخلع على الوفد كافة وانصرفوا إلى مواطنهم. وبعث السلطان عمّاله على الأمصار، وعقد لصنائعه على النواحي، وجهّز الكتائب مع وزيره عمر بن مسعود بن منديل بن حمامة، لحصار حمزة بن علي بن راشد من آل ثابت بن منديل، كان ربّي في حجر الدولة ونشأ في جوّ نعمتها وسخط حاله لديهم. فنزع إلى وطن سلفه من مغراوة. ونزل بجبل بني بو سعيد فأجاروه وبايعوه على الموت دونه. وسرّح السلطان وزيره إلى الأخذ بمخنقهم، فنزل عليهم وقاتلهم وامتنعوا في رأس شاهقهم، فأوطن الوزير بالخميس من وادي شلف وأحجرهم بمعتصمهم. وتوافت لديه الأمداد من تلمسان، فجهّزها


[١] وفي نسخة ثانية: محدقة به.
[٢] وفي نسخة ثانية: ووافاه هنالك اتحاف ابن مزني.
[٣] وفي نسخة ثانية: عند أبيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>