للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين صلاة الغداة فهزمناهم وقتلنا رجالهم وافترقت عساكرنا في طلبهم، ثم رجعوا بعد الظهر فقاتلونا وحرقوا عسكرنا وفقدنا الملك وانهزمنا، ورجعنا إلى العسكر فوجدناه قد انتقض وجاء الملك من الغد فقتل نائبة الّذي استخلفه، وكتب إلى بلاده بعقاب المنهزمين ومواعدتهم بمكان كذا ليلقى المسلمين بها. ووجّه خصيّا له إلى أنقرة ليحفظها فوجد أهلها قد أجلوا فأمره الملك بالمسير إلى عمّورية، فوعى مالك ابن كرد خبرهم ورجع بالغنيمة والأسرى إلى أشناس وأطلق الأمير الّذي دلّه. وكتب أشناس بذلك إلى المعتصم ثم جاء البشير من ناحية الأفشين بالسلامة، وأنّ الوقعة كانت لخمس بقين من شعبان. وقدم الأفشين على المعتصم بأنقرة ورحل بعد ثلاث والأفشين في ميمنته وأشناس في ميسرته وهو في القلب، وبين كل عسكر وعسكر فرسخان، وأمرهم بالتخريب والتحريق ما بين أنقرة وعمّورية. ثم وافى عمّورية وقسّمها على قوّاده، وخرج إليه رجل من المنتصرة فدلّه على عورة من السور بني ظاهره وأخلّ باطنه فضرب المعتصم خيمته قبالته ونصبت عليه المجانيق، فتصدّع السور. وكتب بطريقها باطيس [١] والخصي إلى الملك يعلمانه بشأنهما في السور وغيره، فوقع في يد المسلمين مع رجلين. وفي الكتاب أنّ باطيس عازم على أن يخرج ليلا ويمرّ بعسكر المسلمين ويلحق بالملك فنادى المعتصم حرسه، ثم انثلمت فوهة من السور بين برجين وقد كان الخندق طمّ بأوعية الجلود المملوءة ترابا ثم ضرب بالذبالات [٢] عليها فدحرجها الرجال إلى السور فنشبت في تلك الأوعية وخلص من فيها بعد الجهد. ولما جاء من الغد بالسلالم والمنجنيقات فقاتلوهم على تلك الثلمة وحارب وبدر بالحرب أشناس وجمعت المنجنيقات على تلك الثلمة وحارب في اليوم الثاني الأفشين والمعتصم راكب إزاء الثلمة، وأشناس وأفشين وخواص الخدّام معه.

ثم كانت الحرب في اليوم الثالث على المعتصم وتقدّم اتياخ [٣] بالمغاربة والأتراك واشتدّ القتال على الروم إلى الليل وفشت فيهم الجراحات، ومشى بطريق تلك الناحية إلى رؤساء الروم، وشكا إليهم واستمدّهم فأبوا. فبعث إلى المعتصم يستأمن فأمّنه وخرج من الغد إلى المعتصم وكان اسمه وبدوا [٤] فبينما هو والمعتصم يحادثه أومأ عبد الوهاب


[١] ناطيس: ابن الأثير ج ٦ ص ٤٨٥.
[٢] لعلها الدبابات كما في الكامل ج ٦ ص ٤٨٥.
[٣] ايتاخ: ابن الأثير ج ٦ ص ٤٨٧.
[٤] وندوا: ابن الأثير ج ٦ ص ٤٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>