للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النصيحة لنا. فأمر الكامل شجاع بن شاور القاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني أن يأتيه ويشاوره، فقال له: قل لمولانا يعني العاضد إنّ تقرير الجزية للفرنج خير من دخول الغزّ للبلاد واطلاعهم على الأحوال. ثم بعث نور الدين العساكر مع أسد الدين شيركوه مددا للعاضد، كما سأل وبعث معه صلاح الدين ابن أخيه وجماعة الأمراء. فلما سمع الفرنج بوصولهم أفرجوا عن القاهرة ورجعوا إلى بلادهم. وقال ابن الطويل مؤرخ دولة العبيديّين: إنه هزمهم على القاهرة ونهب معسكرهم ودخل أسد الدين إلى القاهرة في جمادى سنة أربع وستين وخلع عليه العاضد ورجع إلى معسكره، وفرضت له الجرايات. وبقي شاور على ريبة وخوف وهو يماطله فيما يعين له من الأموال، ودسّ العاضد إلى أسد الدين بقتل شاور وقال: هذا غلامنا، ولا خير لك في بقائه ولا لنا، فبعث عليه صلاح الدين ابن أخيه، وعزّ الدين خرديك.

وجاء شاور إلى أسد الدين على عادته فوجده عند قبر الإمام الشافعيّ فسار إليه هنالك فاعترضه صلاح الدين وخرديك فقتلاه، وبعثا برأسه إلى العاضد، ونهبت العامة دوره، واعتقل ابناه شجاع والطازي وجماعة من أصحابه بالقصر، وخلع عليه للوزارة، ولقّب المنصور أمير الجيوش، وجلس في دست الوزارة واستقرّ في الأمر، وغلب على الدولة، وأقطع البلاد لعساكره. واستعدّ أصحابه في ولايتها وردّ أهل مصر إلى بلدهم، وأنكر ما فعلوه في تخريبها. ثم اجتمع بالعاضد مرّة أخرى وقال له جوهر الأستاذ: يقول لك مولانا لقد تيقنّا أنّ الله ادّخرك نصرة لنا على أعدائنا، فحلف له أسد الدين على النصيحة فقال له: الأمل فيك أعظم، وخلع عليه وحسن عنده موقع الجليس بن عبد القوي، وكان داعي الدعاة وقاضي القضاة فأبقاه على مراتبه.


[ () ] وغلمانهم، فلهذا تعذّرت عليهم الأموال، وهم في خلال هذا يراسلون نور الدين بما الناس فيه، وبذلوا له ثلث بلاد مصر وان يكون أسد الدين مقيما عندهم في عسكر، وأقطاعهم من البلاد المصرية أيضا خارجا عن الثّلث الّذي لهم. وكان نور الدين لما وصله كتب العاضد بحلب أرسل الى أسد الدين يستدعيه إليه فخرج القاصد في طلبه فلقيه على باب حلب، وقد قدمها من حمص وكانت إقطاعه وكان سبب وصوله ان كتب المصريين وصلته أيضا في المعنى، فسار أيضا الى نور الدين واجتمع به، وحجب نور الدين من حضوره في الحال وسرّه ذلك وتفاءل به وأمر بالتجهز الى مصر» .

<<  <  ج: ص:  >  >>