للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن النعمان من بني ظفر فرجع وهي على وجنته، فردها عليه السلام بيده فصحت وكانت أحسن عينيه.

وانتهى النضر بن أنس إلى جماعة من الصحابة وقد دهشوا وقالوا: قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال فما تصنعون في الحياة بعده؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه. ثم استقبل الناس وقاتل حتى قتل ووجد به سبعون ضربة. وجرح يومئذ عبد الرحمن بن عوف عشرين جراحة بعضها في رجله فعرج منها. وقتل حمزة عمّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قتله وحشي مولى جبير بن مطعم بن عديّ، وكان قد جاعله على ذلك بعتقه فرآه يبارز سبّاع بن عبد العزى فرماه بحربته من حيث لا يشعر فقتله.

ونادي الشيطان ألا أنّ محمدا قد قتل، لأنّ عمرو بن قميئة كان قد قتل مصعب بن عمير يظن أنه النبيّ صلى الله عليه وسلم، وضربته أم عمّارة نسيبة بنت كعب بن أبي [١] مازن ضربات فتوفي [٢] منها بدرعيه وخشي المسلمون لما أصابه ووهنوز لصريخ الشيطان. ثم إنّ كعب بن مالك الشاعر من بنى سلمة عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادى بأعلى صوته يبشّر الناس ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له:

أنصت، فاجتمع عليه المسلمون ونهضوا معه نحو الشعب، فيهم أبو بكر وعمر وعليّ والزبير والحرث بن الصمة [٣] الأنصاري وغيرهم، وأدركه أبي بن خلف في الشعب، فتناول صلى الله عليه وسلم الحربة من الحرث بن الصمة وطعنه بها في عنقه فكرّ أبي منهزما، وقال له المشركون ما بك من بأس، فقال: والله لو بصق عليّ لقتلني وكان صلى الله عليه وسلم قد توعّده بالقتل فمات عدوّ الله بسرف [٤] مرجعهم الى مكة. ثم جاء عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالماء فغسل وجه ونهض فاستوى على صخرة من الجبل وحانت الصلاة فصلى بهم قعودا. وغفر الله للمنهزمين من المسلمين ونزل:

إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ ٣: ١٥٥ (الآية) وكان منهم عثمان بن عفان وعثمان بن أبي عقبة الأنصاري.


[١] وفي نسخة ثانية: من بني مازن.
[٢] وفي نسخة ثانية: توفي.
[٣] وفي النسخة الثانية: الصامت.
[٤] سرف القوم جاوزهم (القاموس) وسرف مكان بين مكة والمدينة. والمرجّح انه سقطت كلمة أثناء في الجملة.

<<  <  ج: ص:  >  >>