بابان إلى الماء المحيط، موضوعة أبنيته فوق التلال، وعن جنبتيه ألف قصر مشتملة على بيوت الأصنام. وفي صدر البلد بيت أصنام منها خمسة من الذهب الأحمر مضروبة على خمسة أذرع في الهواء قد جعلت عينا كل واحدة منهما ياقوتتان تساوين خمسين ألف دينار، وعين الآخر قطعة ياقوت أزرق تزن أربعمائة وخمسين مثقالا، وفي وزن قدمي الصنم الواحد أربعة آلاف وأربعمائة مثقال، وجملة ما في الأشخاص من الذهب ثمانية وتسعون ألف مثقال. وزادت شخوص الفضّة على شخوص الذهب في الوزن، فهدمت تلك الأصنام كلّها، وخرّبت. وسار السلطان طالبا قنوج، وخرّب سائر القلاع في طريقه، ووصل إليها في شعبان سنة تسع وأربعمائة وقد فارقها نزوجبال حين سمع بقدومه. وعبر نهر الغانج الّذي تغرق الهنود فيه أنفسهم ويذرون فيه رماد المحرقين منهم. وكان أهل الهند واثقين بقنوج وهي سبع قلاع موضوعة على ذلك الماء، فيها عشرة آلاف بيت للأصنام، تزعم الهنود أن تاريخها منذ مائتي ألف سنة، أو ثلاثمائة ألف سنة، وأنها لم تزل متعبّدا لهم. فلمّا وصلها السلطان ألفاها خالية قد هرب أهلها، ففتحها كلّها في يوم واحد، واستباحها أهل عسكره. ثم أخذ في السير منها الى قلعة لنج، وتعرف بقلعة البراهمة، فقاتلوا ساعة، ثم تساقطوا من أعاليها على سنا الرماح وضياء الصفاح. ثم سار إلى قلعة أسا وملكها جندبال فهرب وتركها، وأمر السلطان بتخريبها. ثم عطف على جندراي من أكابر الهنود في قلعة منيعة. وكان جميال ملك الهند من قبل ذلك يطلبه للطاعة والألفة فيمتنع عليه. ولحق جميال بنهوجد أحد المغرورين بحصانة المعقل، فنجا بنفسه.
ورام جندراي المدافعة وثوقا بامتناع قلعته. ثم تنصّح له بهميال ومنعه من ذلك، فهرّب إليه أمواله وأنصاره إلى جبال وراء القلعة، وافتتحها السلطان وحصل منها على غنائم. وسار في أتباع جندراي وأثخن فيهم قتلا ونهبا، وغنم منهم أموالا وفيولا، وبلغت الغنائم ثلاثة آلاف ألف درهم ذهبا وفضّة، ويواقيت والسبي كثير، وبيع بدرهمين إلى عشرة. وكانت الفيول تسمّى عندهم جنداي داد. ثم قضى السلطان جهاده ورجع إلى غزنة فابتنى مسجدها الجامع وجلب إليه جذوع الرخام من الهند، وفرشه بالمرمر، وأعالي جدرانه بالأصباغ وصباب الذهب المفرغة من تلك الأصنام، واحتضر بناء المسجد بنفسه، ونقل إليه الرخام من نيسابور، وجعل أمام البيت مقصورة تسع ثلاثة آلاف غلام، وبنى بإزاء المسجد مدرسة احتوت فيها الكتب من