للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خراسان التركماني، وأبو عمران فضل بن ربيعة بن خادم بن الجرج [١] الطائي، وكان آباؤه أصحاب البلقاء وبيت المقدس، ومنهم حسان بن مفرج، وطرده كفرتكين أتابك [٢] دمشق لما كان عليه من الأجلاب تارة مع الفرنج، وتارة مع أهل مصر.

فلجأ إلى صدقة وقبله وأكرمه، وأجزل له العطاء سبعة آلاف دينار. فلما كانت هذه الحادثة رغب عن صدقة وسار في طلائعه فهرب إلى السلطان فخلع عليه وعلى أصحابه، وسوغه دار صدقة عن الهروب. وأذن له فعبر من الأنبار وكان آخر العهد به. ثم أنفذ السلطان في جمادى الأولى إلى واسط، الأمير محمد بن بوقا التركماني فملكها وأخرج منها أصحاب صدقة، وأنفذ خيله إلى بلد قوسان من أعمال صدقة، فنهبه وأقام أياما، حتى بعث صدقة ابن عمه ثابت بن سلطان في عسكر، فخرج منها الأمير محمد وملكها ثابت. وأقاموا على دجلة وخرج ثابت لقتالهم فهزموه واقتحموا البلد، ومنعهم الأمير محمد من النهب ونادى بالأمان، وأمر السلطان الأمير محمدا بنهب بلاد صدقة، فسار إليها وأقطع مدينة واسط لقسيم الدولة البرسقي ثم سار السلطان من بغداد آخر رجب ولقيه صدقة واشتد القتال وتخاذلت عنه عبادة وخفاجة. ورفع صوته بالابتهال بالناشرة بالعرب، ورغب الأكراد بالمواعد، ثم غشيه الترك فحمل عليهم وهو ينادي: أنا ملك العرب أنا صدقة فأصابه سهم أثبته وتعلق به غلام تركي يسمى برغش فجذبه إلى الأرض. فقال: يا برغش: ارفق فقتله وحمل رأسه إلى السلطان فأنفذه إلى بغداد، وأمر بدفن شلوه. وقتل من أصحابه ثلاثة آلاف أو يزيدون، ومن بني شيبان نحو مائة، وأسر ابنه دبيس، ونجا ابنه بدران إلى الحلة، ومنها إلى البطيحة عند صهره مهذب الدولة، وأسر سرجان بن كيخسرو والمستجير بصدقة على السلطان، وسعيد بن حميد العمدي صاحب الجيش. وكان مقتل صدقة لإحدى وعشرين سنة من إمارته وهو الّذي بنى الحلة بالعراق، وكان قد عظم شأنه وعلا قدره بين الملوك، وكان جوادا حليما صدوقا عادلا في رعيته. وكان يقرأ ولا يكتب، وكانت له خزانة كتب منسوبة الخط ألوف مجلدات، ورجع السلطان إلى بغداد من دون الحلة، وأرسل أمانا لزوج صدقة فجاءت إلى بغداد، وأمر السلطان الأمراء بتلقيها، وأطلق لها ولدها دبيسا، واعتذر


[١] ابن الجراح: المرجع السابق.
[٢] طغتكين أتابك: المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>