أكابر الأمراء فلحقوا بالسلطان من دمشق منتصف رمضان وقدم بين يديه أميرين من أمراء غزة فوصلاها واجتمعت إليه العرب والتركمان وبلغ الخبر إلى الجاشنكير فجمع إليه شمس الدين سلار وبدر الدين بكتوت الجوكندار وسيف الدين السلحدار وفاوضهم في الأمر فرأوا أنّ الخرق قد اتسع ولم يبق إلا البدار بالرغبة إلى السلطان أن يقطعه الكرك أو حماة أو صهيون ويتسلم السلطان ملكه فأجمعوا على ذلك وبعثوا بيبرس الدوادار وسيف الدين بهادر بعد أن أشهد الجاشنكير بالخلع وخرج من القلعة الى أطفيح بمماليكه فلم يستقرّ بها وتقدّم قاصدا أسوان واحتمل ما شاء من المال والذخيرة وخيول الإصطبل وقام بحفظ القلعة صاحبه سيف الدين سلار وكاتب السلطان يطالعه بذلك وخطب للسلطان على المنابر ودعي باسمه على المآذن وهتف باسمه العامّة في الطرقات وجهز سلار سائر شعار السلطنة ووصلت رسل الجاشنكير إلى السلطان بما طلب فأسعفه بصهيون وردّهم إليه بالأمان والولاية ووافى السلطان عيد الفطر بالبركة ولقيه هنالك سيف الدين سلار وأعطاه الطاعة ودخل السلطان إلى القلعة وجلس باقي العيد بالإيوان جلوسا فخما واستحلف الناس عامّة وسأله سلار في الخروج إلى إقطاعه فأذن له بعد أن خلع عليه فخرج ثالث شوّال وأقام ولده بباب السلطان ثم بعث السلطان الأمراء إلى أخميم فانتزعوا من الجاشنكير ما كان احتمله من المال والذخيرة وأوصلوها إلى الخزائن ووصل معهم جماعة من مماليكه كانوا أمراء واختاروا الرجوع إلى السلطان وولى السلطان سيف الدين بكتمر الجوكندار أمير جاندار نائبا بمصر وقراسنقر المنصوري نائبا بدمشق وبعث نائبها الأفرم نائبا بصرخد وسيف الدين قفجق نائبا بحلب وسيف الدين بهادر نائبا بطرابلس وخرجوا جميعا إلى الشام وقبض السلطان على جماعة من الأمراء ارتاب بهم وولى على وزارته فخر الدين عمر بن الخليلي عوضا عن ضياء الدين أبي بكر ثم انصرف بيبرس الجاشنكير متوجها إلى صهيون وبها بهادر [١] بها الأشجعيّ موكل به إلى حيث قصد ورجع عنه الأمراء الذين كانوا عنده إلى السلطان فاستضاف بعضهم إلى مماليكه واعتقل بعضهم ثم بدا للسلطان في أمره وبعث إلى قراسنقر وبهادر وهما مقيمان بغزة ولم ينفصلا إلى الشام أن يقبضا عليه فقبضا عليه وبعثا به إلى القلعة آخر ذي القعدة فاعتقل ومات هنالك والله تعالى وليّ التوفيق.
[١] بياض بالأصل وفي أخبار البشر ج ٤ ص ٥٨: ثم أن بيبرس المذكور قصد الى صهيون حسبما كان قد سأله فبرز من أطفيح إلى السويس وسار إلى الصالحية، ثم سار منها حتى وصل إلى موضع بأطراف غزة يسمى العنصر قريب الداروم، وكان قراسنقر متوجها إلى دمشق نائبا بها على ما استقر عليه الحال فوصل إليه المرسوم بالقبض على بيبرس الجاشنكير.